القرآن الكريم ودولة العدو

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
أمين ذياب
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 10
اشترك في: الثلاثاء يونيو 21, 2005 4:55 am
مكان: عمان الأردن

القرآن الكريم ودولة العدو

مشاركة بواسطة أمين ذياب »

بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن الكريم ودولة العدو
فصل جديد مضاف
ظَهَرَ من الإسلاميين إصرار شديد على وصف الدولة العبرية بأنـها دولة دينية
ما رأيت ـ كالذين يصفون نفسهم بأنـهم إسلاميون ـ تحجراً على الباطل ، فدولة اليهود لا تطبق أي حكم من أحكام الشريعة اليهودية ، كوجوب العطلة التامة يوم السبت ، وكأحكام الطهارة والنجاسة في شأن المرأة الحائض أو النفساء ، أو تعدد الزوجات المسموح به في الشريعة اليهودية وأحكام الطلاق ، أو نظام التوريث اليهودي للذكور دون النساء ، وإعطاء الولد البكر حصة مميزة ، ومثل حرمة الربا بين اليهود ، ومنع التعليم الدنيوي ، وأحكام الزنى ، جاء في تثنية الاشتراع ( وإنْ أخذ رجل يضاجع امرأة متزوجة فليموتا كلاهما ) والمطلوب من هؤلاء الذين يسمون أنفسهم إسلاميين ؛ أنْ يخرجوا وبسرعة من غفلتهم ؛ فيفهموا جيدا مَنْ وراء وجود الدولة العبرية ، وأنْ لا تأسرهم دعاية الغرب عن تدين الدولة العبرية .
توجد أحكام متعددة وكثيرة في تثنية الاشتراع ، يمكن للإسلاميين ـ أصحاب الإصرار على الباطل ـ العودة إليها ، ليعلموا يقينا أنَّ الدولة اليهودية دولة عَلْمانية ، وهي مستندة ومعتمدة من حيث القوة ومن حيث الاقتصاد على الغرب ، وخاصة ذلك السيد الولايات المتحدة وليس العكس ، ولولا رعب الكيانات القائمة من سطوة السيد لـما قام لدولة الأقزام اليهود قائمة .
رُغم نشر هذا المقال في جريدة العرب اليوم ، وتوزيع المئات منه ـ وخاصة على الإسلاميين ـ لكنهم كما قال تعالى : ( وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً )(نوح: من الآية7) لماذا ذلك ؟ إنَّهُ رُغم إسلامهم ، إلاَّ أنـهم ليسوا على استعداد لقبول الحق الأبلج ، وهو واقع دولة يهود ، ولا القرآن البين ، فالحق هو الموروث ، والموروث عندهم لم يعتمد عالم الشهادة الواضح ، بل اعتمد أقوال أهل الحديث في الملاحم ، يصدق عليهم ما وثقه القرآن من قول هود لقومه : (( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (هود:92) فرهط الإسلاميين هم اتباع بالتقليد لفرقة من الأمة ، حولت الإسلام من حركة حياة إلى حركة موت ، إذْ جعلت منظومة النبوءات تقود فكرها السياسي .
يمكن للإسلاميين إثارة السؤال التالي وهو : أليس هذا الجمع الاستشهادي ينتمي إلى رؤيتنا ؟ ويقومون بالعمل بترتيبنا ؟ والجواب : إنـهم ينتمون إلى مفاهيم الأعماق عند الأمة من جهة ، ومن جهة أخرى فإنَّ قضية المقاومة غير قضية إعادة بناء عقل الأمة ، ومن هنا لا تكون نتائج الاستشهاد علامة نحو التغيير ، بل هي علامة من علامات المقاومة فقط لا غير ، وللربط بين التغيير والمقاومة ؛ لا بد من بناء الوعي السياسي الحضاري ؛ الهادف لبناء دولة الأمة في المضمون الحضاري ، والتحرير من هيمنة الولايات المتحدة ، وزوال كيانات التجزئة ، وهذه هي شروط التغيير ، فلا بد من ربطها ربطا محكما مع المقاومة .
واقع الدولة اليهودية
الدولة اليهودية ، أو العبرية ، أو الدولة الصهيونية ، أو دولة إسرائيل ، هي أسماء متعددة لكيان سياسي واحد ، وهذه الدولة لا علاقة لها بالدين اليهودي ، وهو دين يعتبر ملغيا ومنسوخا من وجهة نظر الإسلام ، ولا علاقة لها بالنبي إبراهيم ، أو ببني إسرائيل ، أو بآل عمران ، إذ كل خطاب ورد في القرآن الكريم حول المذكورين ، هي أمور مضت وانقضت ، إذا كان المراد الذات المشخصة ، من حيث هي ذات ، ولكن العبرة الموجودة في أحوالهم سلبا وإيجابا والتحذير من سلوك طريق اليهود السالب وهو الأكثر في حياتـهم ، أمران مفتوحان للبشرية ، بشكل عام ولنا معشر المسلمين بشكل خاص .
إن هذه الدولة القائمة ، هي دولة ذات وظيفة سياسية ، إنـها بارجة حربية ، مستقرة في موقع من اليابسة ، وليست في عرض البحر ، وهي في محل القدرة لمباشرة نشاط اقتصادي في المنطقة بحيث تسيطر عليها ، وهي مركز تثقيفي لمعطيات الحضارة الغربية ، وهي بؤرة افسادية لحياة المجتمع ، وقد وجدت بأفاعيل السياسة الغربية وكان من الممكن أن يقيمها الفرنسيون ، لو تحققت لهم طموحات نابليون بونابارت ، في الاستقرار في بلاد الشام سنة 1799 م ، ولم يقمها المؤتمر الصهيوني الأول ، المنعقد في بازل سنة 1897 م ، بل يمكن القول أن المؤتمر الصهيوني وجد بتأثيرات غربية ، لقد أقيمت الدولة اليهودية بوعد وزير خارجية بريطانيا بلفور في 2/11/1917 م والمعلوم الآن أن للأمريكان دورا أساسيا في هذا الوعد ، ومع مباشرة تحقيق الوعد من قبل الانتداب البريطاني على فلسطين ، ساهم كل الغرب قويا أو ضعيفا ، من معسكر المنتصرين ، أو من معسكر المنهزمين ، بما في ذلك الولايات المتحدة الليبرالية ، وروسيا الشيوعية فالغرب كله سندها بالوعد ، بأن سندها بالهجرة ، وسندها بإعلانها دولة ، وسندها بالمال والسلاح منذ وجودها وحتى الآن .
زوال دولة اليهود لا يتحقق بوعد السماء ، إذ لم تقم دولة اليهود أصلا على وعد السماء والذي يدعي أن وعد السماء أنشأها ، إنما هو داعية هرطقة ، بل هو من التجديف على رب العالمين الإدعاء بأن الله جل جلاله وعظمت آلاؤه هو الذي أقامها .
طرد الدولة العبرية حقيقة تكليفية ، العمل السياسي شرط موضوعي لزوالها ، وتحقيق ذلك يتم بوحدة مصر وبلاد الشام والعراق كدولة نواة ، مع تحرير القرار السياسي ، والاقتصادي والعسكري ، والثقافي ، والاجتماعي ، من هيمنة الولايات المتحدة ، ومن هيمنة جميع شركائها الغربيين ، وهذا يقتضي تحديد الهوية الفكرية والحضارية للدولة النواة ، وهذه الهوية هي الهوية الإسلامية الحضارية ، بدون هذه الشروط الثلاثة معا ، لا يمكن زوال دولة اليهود ، وأن كان من الممكن مشاكستها .
أنَّ أخطر ما يجري في ساحة الإسلاميين ، هو تحويل القرآن الكريم ، من كتاب يهدي للتي هي أقوم ، إلى كتاب نبوءات ، ساوَوْا فيه بين سفر إشعيا ، وحزقيال ، ودانيال ، وهوشع ، ورؤيا يوحنا اللاهوتي ـ وهي أسفار إشكالية عند أصحابـها ـ مع القرآن الكريم ، ومثل هذه المساواة لا تصح ، ولا يقبل بـها عقل صائب ، ولا منطوق قرآن ، بل ولا مفهوم النص القرآني يعتمد الإسلاميون في مقولتهم تلك ، على الآيات الأولى من سورة الإسراء ، وتفسيرها تفسيرا قدَرَياً جبْرياً ، مع أن اليهودية قد ألغاها ربُّ العالمين ، شكلا ، وموضوعا ، منذ عدم قبولهم بالمسيح بن مريم ، آية ، وعبدا ، ونبيا ، ومعدلا لبعض تشريعات التوراة ، وتصحيح التحريف اليهودي لرسالة موسى ، إذ فقدت على يد الأحبار النور والهدى ، وتحولت إلى رسالة فاقدة لبعدها الإنساني ، وقد أضافوا إلى معاندتـهم للمسيح ، اتـهامه بأنه دجال ، والطلب من الحاكم الروماني هيردوتس صلبه ، وهو الحاكم الذي قام أيضا بقطع رأس النبي يحيى ( يوحنا المعمدان ) عند المسيحيين ، وهذا العمل هو الإفساد الثاني الذي حذرهم منه رب العالمين .
{ نص الآيات التي يدعي الإسلاميون تعلقها بالوجود اليهودي الآني }
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً * وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً* فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً * } (الاسراء: 1- 8) بعد هذه الآيات تأت الآية التالية :{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } (الإسراء:9) إن وجه النظم بين هذه الآية ، والآيات التي قبلها بقوله تعالى { عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ } فتكون رحمتهم باتباع القرآن ، ويمكن أن يكون وجه النظم يتصل بقوله تعالى { وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} والوجه كيف أقررتم بالكتاب الأول ، ورفضتم الإقرار بالكتاب الثاني ، ويمكن الذهاب إلى وجه ثالث بالربط وهو صدر السورة { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } كأنه تعالى قال أسرى بعبده ، وآتاه الكتاب الذي هذا صفته .
إن هذه السورة ، وهذه الآيات ، لم تأت لترسم ملامح ما يحدث من بني إسرائيل ، بعد رسالة نبي الهدى محمد بن عبد الله ـ صلوات الله عليه ـ وإنما ترسم صورة ما جرى من بني إسرائيل من مخالفات ، وما جرى لهم بسبب هذه المخالفات ، من الاندثار إلى يوم القيامة ، إنَّ بني إسرائيل لا وجود لهم اليوم ، وإنما لبقاياهم ـ مع التحفظ على كلمة بقاياهم ـ دولة علمانية ، فيها زمر متدينة بقيم من بقايا يهودية فاسدة ، لقد نشأت هذه الدولة بفعل الغرب كما مر ، والآيات تتلى علينا ـ معشر المسلمين ـ تحذيراً من السير على سننهم .
الدليل على هذا القول
1. إن معنى قضى الواردة بقوله تعالى { وَقَضَيْنَا } هو أعلم وأخبر ، ذلك أن كلمة قضى متعددة المعاني فهي : 1- فصل الأمر على إحكام ، ومن يفصل الأمر على هذا الوجه فهو القاضي ، ولذلك مشروط في قضاة المحاكم : الفهم ، والتقوى المانعة من الانحراف في إصدار الأحكام ، وبـهذا يكون قاضيا عدلا 2- قضى بمعنى خلق وأحدث ، كما قال تعالى فقضاهن سبع سماوات 3- قضى تعني أوجب الأمر ، قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } 4- المعنى الذي ذكر في أول الكلام ، وهو أعلم وأخبر .
2. إن هذا الإعلام كان لبني إسرائيل ، أيام أنبيائهم في الكتاب ، أي في واحد من الكتب التي نزلت عليهم ، تحذيرا من الدخول في الفساد في ذلك الزمن ، وليس في الزمن الآتي ، إنَّ تتبع التسلل الزمني للكتب التي أنزلت على العبريين هي كما وثقها القرآن : 1- صحف إبراهيم يسمي اليهود عصر إبراهيم واسحق ويعقوب ( إسرائيل ) ويوسف ، واستقرار بني إسرائيل في مصر بعصر الآباء ويمتد زمن هؤلاء من 1800-1550 ق0م ، وهذه الفترة هي فترة قبيلة صغيرة جدا رحلت من أور في العراق ، مستقرة أخيرا في مصر ، مارة بالخليل وبئر السبع ، من أرض كنعان 2- التوراة على موسى وهو زمن موسى وخلفائه من 1550 – 1220 ق0م وهذا الزمن هو زمن خروج بني إسرائيل ، من مصر إلى الأرض المقدسة ، بقيادة موسى عليه السلام ، نحو الأرض المقدسة ، وهي أرض لم تكن خالية من السكان ، بل فيها أهلها وهم الكنعانيون ، وكانت الرحلة على موسى شاقة ، لتذبذب بني إسرائيل وشدة الرعب من مقابلة الأخطار ، والخوف الشديد من المستقبل ، وقد عانى موسى بـهذه الرحلة كثيرا ، ولا يعترض على تكليفهم من قبل الله تعالى دخول الأرض المقدسة ، إذ في الإمكان استيعابهم فيها لأن المعمورة آنذاك كانت في خلخلة سكانية ، كما هو معلوم ومشهور 3- الزبور على داود ، هذه هي الكتب التي ذكرها القرآن ، وهذا الزمن لا يبدأ من داود ، وإنما بدايته الأحبار من حوالي 1220- 933 ق0م ، وبموت سليمان دخل اليهود إلى عهد الانشقاق وامتد هذا الزمن من 933 – 721 إلى زوال مملكة الشمال ، ليأتي آب587 ق0م لتسقط أورشليم على يد نبوخذ نصر الكلداني ، ويحدث السبي البابلي ، وهذا هو نـهاية الفساد الأول .
3. أن كلمة { إذا } الواردة في الآيتين ، لا تفيد الزمن المستقبل فقط ، فهي من حيث اللسان تقع على معان متعددة ، ولو قيل أن المراد منها الزمن المستقبل ، لوجب الصيرورة إلى أن الإفسادين لم يحدثا ، وهذا لم يقل به دعاة إسقاط الآيتين على الواقع السياسي المعاصر .
4. ينص صدر الآية السادسة الفاصلة بين الآيتين بما يلي { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } فالآية تنص عن رد في الماضي ، وليس عن رد في المستقبل ، لقد حدث هذا الرد في الماضي بمساعدة كورش الفارسي ، إذ أصدر منشوراً سنة 538 ق0م يسمح ليهود بابل العودة إلى أورشليم ، تحت قيادة شِشْبَصَّر الذي أعاد بناء المذبح ، ومن 521- 520 ق0م أعاد زربابل حاكم اليهود مع يشوع كبير الكهنة بناء الهيكل .
5. إن مرتكز القائلين بأن الفساد متعلق بواقع الدولة العبرية الحاضر ، هو قوله تعالى : { عِبَاداً لَنَا } ذلك أنـها تعني في رأيهم أنـهم أهل عبادة ، ومثل هذا القول يعتبر فهما ، وليس تصريحا فلا يصمد أمام النقاش ، فهل يخرج الكافرون والفاسقون عن كونـهم عبادا له تعالى ؟ لقد ورد في القرآن الكريم كلمـة عباد ، مـضافة إليه تعـالى كثيرا : وردت { عبادنا } 12 مرة فمثلا قوله تعالى : { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً } فعبادنا رغم أنـها مُعَرَّفَةٌ بالإضافة فهي لا تنفي أنَّ من لم يرث الجنة ليس من عباده تعالى وقد وردت { عباده } 34 مرة ، فمثلا قوله تعالى : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } أليس المراد كما هو واضح أن كلمة عباده تعني الخلق : المؤمن : والفاسق ، والكافر ، على السواء ؟ ووردت { عبادي } 17 مرة فهل يفهم من قوله تعالى : { أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } فهم في الآية موصوفون بأنَّهم عباده تعالى مع كونهم { ضَلُّوا السَّبِيلَ } كما هو منطوق آية (الفرقان: من الآية17) .
6. إن قوله تعالى { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ }(الاسراء: من الآية5) مثل قوله تعالى : { )أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً) (مريم:83) فهل يجوز المساواة بين إرسال الأنبياء للدعوة إلى سبيل ربـها ، وبين إرسال الشياطين للهدف الظاهر بالآية ؟ إن مثل هذا القول ليس قولا لعاقل فالمراد من إرسال الشياطين ، التخلية بينهم وبين الكفار ، مع نفي العجز عنه ، فالإرسال ورد لا على ظاهره ، بل على سبيل التوسع ، أي على المجاز ، وهذا ما يعرفه كل متمكن باللسان العربي ، فالله عدل ، فلا بد من نفي الظلم والعبث عنه .
7. إنَّ معنى قوله تعالى : { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } فالعباد هؤلاء أصحاب شوكة ، كما هو واضح في منطوق الآية ، بل هو وصفهم الخاص ، وليس شرطا أن يكونوا أصحاب تقوى ، والمسلمون كلهم يصدقون أن الله يسلط عليهم ، من لا يخافه ولا يرحمهم ، تسليط تـخلية ، فلماذا يرفضون ذلك على بني إسرائيل ؟
8. إن سورة الإسراء نزلت بمكة ، ولم تكن الدعوة الإسلامية ، قد اصطدمت بيهود المدينة وما حولها ، والخبر والإعلام تم لبني إسرائيل في كتابـهم ، ولذلك قال الله تعالى : { وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً } أي ناجزا ، وعلى قول مفسري الإسقاط الجدد ، لم يكن الإفساد الأول مفعولا ، والثانية أنَّ بني قينقاع ، وبني النضير ، وقريظة ، ويهود خيبر ، أي يهود المدينة وما حولها ليسوا من بني إسرائيل نسبا ، بل هم عرب من حيث العرق واللسان ، ومثلهم في ذلك يهود عرب الجنوب : سبأ ، وحمير ، جاء في الوثيقة الدستورية ـ التي كتبها رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : { وإنَّ ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس ، وإنه من تبعنا من يهود ، فإن له النصر والإسوة ، غير مظلومين ولا متناصر عليهم } وفي جزء آخر من نفس الوثيقة جاء ما يلي : { وإن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين ، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، مواليهم وأنفسهم ، إلا من ظلم وأثم ، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته 0 وإنَّ ليهود بني النجار ، وبني الحارث ، وبني ساعدة ، وبني جشم ، وبني الأوس وبني ثعلبة وجفنة ، وبني الشطنة ، مثل ما ليهود بني عوف ، وإن بطانة يهود كأنفسهم ، وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد ، ويقول نص الوثيقة بعد ذلك { وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة } يلاحظ أنَّ الوثيقة تدعوهم يهود أي من حيث الدين ، ولكن الوثيقة حين تأتي للعرق لا تسميهم بني إسرائيل ، وإنما تنسبهم لأسماء قبائلهم ، بني النجار ، وبني الحارث ، وبني ساعدة ، وبني الأوس ، وهي كلها قبائل عربية ، وأسماء عربية ، على أن الدراسة لا تدل على أن يهود الدولة العبرية الآن هم نسل بني إسرائيل ، وربما القليل جدا منهم يعودون عودة مخالطة لبني إسرائيل ، إذ غالبا هم بقايا السبط الثالث عشر ـ أي يهود الخزر ـ مع خليط من الأعراق الأخرى ، فاليهودي عندهم هو أبن اليهودية ، وإن حملت به سفاحا ، وإليكم قصة معاصرة حدثت لواحد من بلدنا ، إذ تزوج بيهودية قبل النـزوح بسنتين أو ثلاث سنوات ، وولدت له ولدا وبنتا اعتـبرا يهوديين ، مع أن أباهما من بلدنا ، مع ملاحظة أن الأب لم يتهود فاليهود الموجودون في الدولة العبرية ، هم على الغالب أولاد الزانيات مع غير اليهود ، من حيث الدين ، ومن أعراق شتى من حيث الأصل .
9. لا يمكن إسقاط الإفساد الأول على اليهود ـ في زمن النبي مجمد صلوات الله عليه ـ لأنـهم ليسوا من بني إسرائيل .
10. إن إسقاط هذه الآيات ـ وهي آيات مخبرة أن الله جل جلاله ، أعلم بني إسرائيل في كتاب من كتبهم بالإفسادين تحذيراً ـ وبـهذه الصورة لا يمكن أن يكون هذا الإعلام عن فساد في زمني رسالة الإسلام ، فهم مفسدون لعدم اتباعهم الحق , هم قد خرجوا من خطاب التكليف ، حتى لو كانوا على يهودية غير محرًّفة ، والتكليف المطلوب منهم هو الدخول بالإسلام ، أو يكونوا أهل ذمة ، ذلك هو الواقع الذي يجب فهمه ، عند فهم هذه الآيات .
11. المفسرون السابقون مجمعون على حدوث الإفسادين ، قبل رسالة محمد ، لكنهم مختلفون في ماهية الفساد ، الذي وقع من بني إسرائيل ، ومختلفون في من تسلط عليهم ، وهذا الاختلاف ليس مهما ، فالإفسادان حدثا قبل الإسلام .
12. المفسرون الجدد ـ الذين يسقطون هذه الآيات على واقع دولة اليهود اليوم ـ ملزمون بالقول : بأن الله قدَّر هذا الوجود ، وهو الذي قدَّر زمن زوال دولة اليهود ، فلماذا ينشطون ضدها ، إذا كان وجودها قدراً ، وزوالها قدراً ، المسألة عندهم إثبات وجود الذات .
13. من خلال إسقاطهم هذا ، وقعوا راضين أو مكرهين بتأكيد الحق الديني لليهود ، والحق التاريخي أيضا ، إذ مجرد التبشير بأن هذا هو الفساد الثاني ، يستبطن أمرين الأول : التجمع هو تحقيق للوعد الديني ، والثاني أن زوال فسادهم هو وعد ديني آت ، فلماذا يحاول جماعة إسقاط الإفسادين على الواقع الآن ، في ندوات القدس خاصة التنصل من الوعد الديني .
14. في العهد الروماني حدث الإفساد الثاني من بني إسرائيل من 27-33 ب-م ، ضد يحيى وضد المسيح عيسى بن مريم ، بقتل يحيى ، وطلبهم صلب المسيح ، الذي نجا وتوفاه الله ورفع جثته ، ووقع الصلب على الشبيه ، وفي سنة 70 ب0م حاصر تيطس الروماني أورشليم بأربعة أفواج وأحرق الهيكل ، وبـهذا انتهت مهمة اليهود كهداة ، وبعد أكثر من 500 عام تحولت مهمة الهداية للعرب بالإسلام ، شركائهم في هذه المهمة كل المسلمين وهم امة واحدة ، والبشرية الآن في أشد الحاجة للإسلام .
15. { عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ، وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ، وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } (الإسراء: 8) يرى بعض أصحاب التفسير الإسقاطي ، أنـهم إذ يسلمون بحصول الإفسادين ، قبل الرسالة الإسلامية ، لكنهم يرون أنَّ هذه الآية المؤلفة من ثلاث جمل ، فإنـها في الجملة الثانية مفتوحة لبني إسرائيل ، وهذا يقتضي أنـها من الآيات التي أُعلم بـها بنو إسرائيل ، فتكون أيضا قد حدثت وتمت ، عندما كان هناك بنو إسرائيل ، لكن مثل هذا القول يلغي الالتفات في القرآن الكريم ، والحقيقة أن الآية ليست من الإعلام لبني إسرائيل ، فقد التفت القرآن من بني إسرائيل إلى المسلمين ، الذين رحمهم الله بالإسلام ، محذرا إياهم من أنْ يسيروا سيرة وسلوك بني إسرائيل ، أي إنْ تركوا الرحمة ، فإنَّ الله سيخلي بينهم وبين عدوهم ، فلا يلطف بـهم وهذا ما حدث المرة تلو المرة في تاريخ المسلمين ، فقد خلَّى بينهم وبين الصليبيين ، وخلَّى بينهم وبين التتار ، وخلَّى بينهم وبين الاستعمار الإحتلالي الغربي في القرن التاسع عشر وخلَّى بينهم وبين الاستعمار الإمبريالي في القرن العشرين ، الذي لا زال يحاول تركيز اٍستعماره بواسطة اليهود العَلمانيين ، أصحاب القومية العنصرية الشوفينية ، مع الدعاية لذلك بالوعد الديني ، والحق التاريخي ، ووقع المتدينون بـهذه الأحبولة ، وأخذوا يفسرون القرآن في هذا الاتجاه ،وَقَبِلَ التغريبيون الوضع نفسه بحجة التقدم ، وقبل الحكام ذلك بحجة الواقعية 0
إن التاريخ في تموجاته وتغيراته وتداول الأيام بين الناس والسعي السياسي للمصالح هو السائد الآن ، فلا مكان لمن يبني وجوده السياسي على وعد ديني أو حق تاريخي ، فالدين الإسلامي دون غيره من الأديان إذ في جوهره طلب العمل السياسي بكل أنواعه ، وجعله هو الطريق لطرد اليهود من فلسطين ، ولن يتم الطرد بغير القتال واليهود موجودون بفعل السياسة الغربية كما مر فالطريق بين واضح ، لا يحتاج لغير العمل السياسي ، وقمة العمل السياسي القتال فكفاح الغرب وخاصة الولايات المتحدة وقتال اليهود هو الدرب الموصل للهدف ، تلك هي الحقيقة ناصعة .
حديث قتال اليهود في آخر الزمان
تقسم أحاديث قتال اليهود إلى قسمين : قسم يربط قتالهم بالساعة ، أي بالقول : لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، والقسم الآخر يربط قتال اليهود بعلامات الساعة الكبرى ، أي بظهور الدجال وجنده من اليهود ، فيتم قتلهم على يد عيسى بن مريم . [ يمكن للقارئ الكريم مراجعة الرأي في موضوع علامات الساعة ، بكتاب جدل الأفكار رقم 17 ، وهو كتاب لم يصدر بعد ، ولكن نُشر جزءٌ مهمٌ من مواضيعه على حلقات في جريدة اللواء ] .
لا يمكن لمسلم يؤمن بأنَّ الله كلف البشر ، أنْ يقبل هذه الأحاديث في قسميها ، فهي أحاديث مردودة ، رواية ، ودراية ، ولا قيمة مطلقا أنَّ حديث قتال اليهود ، أخرجه البخاري ومسلم ، عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر ، وهما أكثر الناس حديثا ، ومن المعروف والمشهور أنَّ كلاهما من تلاميذ كعب الأحبار .
الباحثون عن مستقبل التاريخ الإنساني ، في نصوص القرآن الكريم ، لا يجدون النص القرآني مسعفا لهم ، فيلجئون لنص الحديث ، عله يسعفهم في رؤية المستقبل ، المشكلة ثاوية عندهم في كونهم متأثرين بالرؤية الدينية اليهودية ، واليهود المتدينون يبنون رؤيتهم على فكرة اختيار الله لهم من جهة والتوفيق بين واقع تاريخهم بما فيه من ضعف وهوان ، فيقيمون صلحا بين فكرة الاختيار وتاريخ الضعف والهوان يبنى على قسمة الزمن كله إلى عصرين : العصر الأول الحاضر بما فيه من مرارة والعصر الآتي ، وبه يتسنمون المكان اللائق بـهم ، وينالون كامل حقوقهم ، بل ويسودون العالم وهذا لن يكون بواسطة بشرية ، بل بتدخل مباشر من الله ، أي أن الله هو الذي ينهي الحاضر المر ويأتي بالوقت الذهبي السعيد .
المهم في الأمر ، أنَّ اليهود وقد تحوَّلوا إلى علمَانيين بجملتهم ، أخذوا بالأسباب السياسية ، من عرض على السلطان عبد الحميد ، إلى مخاطبة اللورد روتشيلد للحكومة الإنجليزية ، لِيَصدُرَ لهم وعدُ بلفور في 2/11/ 1917 م ، وبقي مؤمنون بالوعد ، وهي حفنات من يهود متدينين ، زمرة قليلة منهم ، تمارس الانتظار ، وهي ناطوري كارتا ـ وهي مجموعة ترى في قيام دولة اليهود بالعمل السياسي أمرا مخالفا لإرادة الله ، وأكثرية هذه الحفنات ، تساند قيام الدولة وتستعمل الدولة اليهودية الحالية أداة ظهورهم ، في أرض الميعاد ، بطريقة وحشية تثير الاشمئزاز والقرف والحقد على اليهود بتصرفاتـهم الهمجية ، وهم يشكلون عبئا ثقيلا على الدولة العبرية يمارس هؤلاء المتدينون الابتزاز ، كلما سنحت لهم فرصة .
تلك هي الفكرة اليهودية ، التي تسللت إلى العقل المتدين المسيحي ، فاعتقدوا النـزول الثاني للمسيح ، لنصر الدين المسيحي ، والتخلص من الانحراف اليهودي ، وهي نفسها تسللت إلى العقل الإسلامي ، بالمهدي ونزول المسيح ، لتـزول المسيحية واليهودية معا ، وهكذا تعطل التكليف والعمل ، وحل محله الانتظار .
ورد حديث قتال اليهود ، في الكتب التالية ، من أمهات كتب الحديث :
• صحيح البخاري : في كتاب الجهاد والسير ، باب ( 94 ) الحديث رقم (2925) وهذا هو سنده ومتنه [ حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي : حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ رسول الله قال : تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول : يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله .
• الحديث رقم (2926) حدثنا اسحق بن إبراهيم : أخبرنا جرير ، عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن رسول الله قال : لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي : يا مسلم هذ1ا يهودي ورائي فاقتله .
• وفي كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام الحديث رقم (3593) من رواية عبد الله بن عمر .
• صحيح مسلم : في كتاب الفتن باب (( لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أنْ يكون مكان الميت )) الأحاديث ذوات الأرقام ( 7335- 7336- 7337- 7338 ) كلها عن عبد الله بن عمر والاختلاف في أسماء بعض رجال السند أمَّا الحديث رقم ( 7339 ) فراويه أبو هريرة .
• سنن الترمذي : كتاب الفتن باب 56 .
• سنن أبن ماجة : كتاب الفتن باب 330 .
• مسند أحمد بن حنبل : أرقام الصفحات التي أخرج فيها الحديث هي : الجزء الثاني ص 67-121-131-135-149 وهذه كلها عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وص (( 398-417-530 )) وهذه عن [ أبو هريرة ] ، الجزء الثالث ص 367 وهو عن جابر بن عبد الله ، الجزء الرابع ص 316 وهو عن عثمان بن أبي العاص أمَّا في الجزء الخامس ص 16 فهو عن سمرة بن جندب ، أمَّا الحديث الذي يربط قتال اليهود بقيام الساعة ، فهما من رواية عبد الله بن عمر وأبو هريرة ، وبحمل المطلق على المقيد تكون مواضيع الحديث متعلقة بالعلامات الكبرى ، وهكذا يظهر الخلل الفاضح في مكونات العقل ، الذي يسلم بأمر ثم ينقضه ، في نفس البنية الفكرية ، أو يدعو إلى عمل أو موقف ، لا ينسجم مع دعواه ، المتسقون مع أنفسهم في هذا القول ، هم دعاة الانتظار ، أي متسقون مع القول وليس مع الموضوع .
لا بد من التأكيد أنَّ بحث موضوع الوجود اليهودي في فلسطين ، لا يجوز ولا يصح أنْ يستند لغير التكليف الشرعي ، أي الأمر والنهي ، أي لا بد من زوال الوجود اليهودي من خلال العمل السياسي ويعتبر العمل العسكري قمة العمل السياسي ، ولا بد من لفت النظر إلى خطو
رة قول القائلين بعدم وجود اليهود تاريخيا في فلسطين وهي مقولة يكثر الحديث عنها في هذا الزمن ، خوفا من بدعة ما يسمى بالحق التاريخي ، مع أنـها لا وجود لها في التاريخ ، وإلاَّ لكان على الأمريكان الرحيل من أمريكيا أي [ الولايات المتحدة ] لأنـهـا بلد الهنود الحمر ، وعلى الإنجلز والسكسون الرحيل من الجزر البريطانية لأنـها جزر قبائل البريتون وعلى قبائل الجيرمن والفرنجة والفندال الرحيل من ألمانيا وفرنسا وأسبانيا ، لأنـهم وافدون عليها وهكذا جميع شعوب الأرض وأمم العالم .
أيتها الأمة الإسلامية الكريمة !
إنَّ الدرب واضح بين ، إنه يكمن قبل كل شيء في بناء الإرادة العامة للأمة ، ينبثق عنها السيادة العامة ، وهما لا يقبلان التنازل ، أو التقسيم ، أو التفريط ، أو التهاون ، والأمة خلطت بين السيادة العامة ، والسلطة ، وبما أن السلطة هي للسلطان ، فظنت أن السيادة العامة أيضا منوطة بالسلطان ، من هنا وقعت الكارثة ، السيادة العامة هي ممارسة الإرادة ، بينما السلطة نتيجة للإرادة ، ولذلك لا بد من إدراك الفرق بين السيادة التي لا يحق لأحد التنازل عنها ، وبين السلطة التي يمكن التفويض فيها وفق شروط الأمة عقد المراضاة والمحاسبة عليها .
فالدعوة الآن مفتوحة ، لإعادة بناء الإرادة العامة ، والسيادة العامة ، ليكون السلطان ممثلا للأمة وليس قاهرا لها ، ومفروضا عليها .
العقل أول ألأدلة . الشرع الإسلامي مصلحة للناس . التوحيد العدل . المنزلة بين المنزلتين . صدق الوعد والوعيد . وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . هي أصول الإسلام

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“