أخي العزيز عمار
أحيي فيك همتك العالية في طلب العلم وفقك الله إلى كل خير.
بالنسبة للعقيدة فهناك المؤلفات الكثيرة لعلماء وأئمة الزيدية بالإضافة لمؤلفات عصرية مبسطة أكثر وبالإمكان أن تستفيد من مجلس الدراسات والأبحاث ومجلس الكتب ايضا .. وأي استفسار سنكون جميعا في خدمتك ..
أما بخصوص الدراسة عند عالم أو شيخ فمن المهم ابتدءا أن تكون على معرفة ويقين ودراية بأصول مذهبك ابتدءا ، ومن ثم تستطيع الأخذ من علماء المذاهب الأخرى في مختلف العلوم ، ولكن يجب ان تأخذ بعين الاعتبار أن العالم الآخر سيكون من أهدافه بطبيعة الحال اقناعك بعقيدته ومذهبه ، فإذا لم تكن على معرفة بمذهبك وبأدلته وردوده فستتشتت كثيرا بين المسائل الخلافية .
ففي مسائل العقائد ستحتاج إلى عالم من مذهبك ، وكذلك في المسائل الفقهية غالبا .. حيث أنك مقلد ابتدءا وتحتاج أن تحدد المذهب الذي ستقلده وتستقر عليه وتفهمه ليكون هو قاعدتك ، ومن ثم إذا أردت البحث والإطلاع على بقية المذاهب لا بأس في ذلك ، بل واجب المسلم البحث والجد حتى يجد الإطمئنان بالحق .
ولكن تستطيع بطبيعة الحال دراسة العلوم غير الخلافية مثل العربية والبلاغة والأدب والمواريث وغيرها عند العلماء من المذاهب الأخرى ويمكنك أن تطلب منه ابتدءا احترام كونك من مذهب مختلف وتطلب عنه عدم محاولة الدخول في المسائل الخلافية او محاولة التأثير عليك لأنك مازلت تتعلم أصول مذهبك ..
بالنسبة للأخوة والأخوات الذين عقبوا عليك فلي لوم كبير عليهم ، نحن من نحمل فكر الإمام زيد بن علي هذا الفكر العظيم المنفتح الذي استطاع أن يجمع حوله المذاهب المختلفة للسير نحو انقاذ الأمة الإسلامية ومناهضة الظلم ، هل يمكن أن يكون خطابنا متشنج بهذه الصورة ؟
اخواننا الإثنى عشرية صحيح ان بعض قدمائهم قالوا بتكفيرنا كما قالت أكثر المذاهب ، لكنهم الآن جددوا خطابهم وجددوا كثير من توجهاتهم بل وعقائدهم فمنهم من كان يؤمن بالتجسيم والرؤية قديما وقد نبذ هذه الأفكار علمائهم الآن وكذلك يظهر تطور فكرهم ومذهبهم في اجتهاد ولاية الفقيه وغيرها ..
ما أريد أن أقوله بأننا كزيدية يجب أن نبتعد عن محاولة إشاعة الخلاف وبالعكس إذا رأينا الاخوان من المذاهب الأخرى يسعون لمصالحتنا ويؤكدون بأنهم لا يضمرون لنا الشر ولم يعد يقولون بتكفيرنا فهذا شيء عظيم يجب أن نقابله بالمثل لا أن نحاول إثبات عكس ذلك ... وليس كلامي حول الإثنى عشرية بالذات بل بقية المذاهب يجب أن يكون حاملي الفكر الزيدي فكر آل البيت أكثر انفتاحا وأكثر قبولا بالآخر وتبقى أيديهم ممدودة لكل من يريد مصافحتهم ولم لا يريد ايضا ..
، فكيف لا وهم يحملون الفكر المنقذ للعالم والموحد للناس بمختلف طوائفهم وتوجهاتهم ، ولهذا خطابنا وتعاملنا يجب أن يكون مختلف عن الآخرين ويجب أن يكون نابعا من فكرنا العظيم.
إذا كان هناك خلل في عقائد شبابنا واخواننا وكانت ثقافتهم بمذهبم متواضعة وتمسكهم بعقائدهم متواضعة فالخلل هنا لا يكمن إلا فينا نحن وفي طريقة تعاطينا واهتمامنا بمذهبنا وتعلمه وتعليمه ونشره ، وربما قبل هذا كله لغياب الوعي والوازع الديني لدى شريحة واسعة من الشعب وعدم اهتمامهم بتعلم الدين والالتزام به وتعليم اولادهم الالتزام به فمن سجتهد في تعلم عقائد واصول مذهبه إذا لم يكن يهتم بالتزامه مع الله أولا.
ومن ثم يأتي دور العلماء والاساتذة فالمطلوب منهم الاجتهاد أكثر في توعية الناس وابتكار الأساليب في التدريس والتأليف والاجتهاد وتجديد الخطاب الديني ليتناسب مع عصرنا الحالي .
فكل هذه مشاكل داخلية نحن السبب فيها فإذا رأينا البعض منا يميل لمذهب آخر أصحابه ينشطون ويجتهدون في نشره فلا نلوم إلا أنفسنا ، ولا داعي لتحميلهم نتائج تقصيرنا .
ببساطه من المفترض أن نتعلم ابتدءا أصول العقيدة في المذهب الزيدي ونكون على بينة بكل ما يختص بالإيمان بالله وغيرها من المسائل الأصولية ، ونعلمها لأخواننا وابناءنا وبعد ذلك لا نحضر عليهم أبدا البحث في المذاهب الأخرى وتعلمها بل لهم كامل الحق في ذلك كماهو حق أي إنسان في الإيمان بما يراه الحق أينما وجده ولا يمكن إرغامه أو ارهابه للإيمان بعقيدة ما.
كثيرا من علماء السنة والشيعة بمختلف مذاهبهم يمدحون المذهب الزيدية وأتباعه وينتقدون من يتهجم عليهم ، فلذلك لا يجب أن نتخذ مواقف من المذاهب بسبب بعض الأقوال المتعصبة والأفكار المتشنجة ، بل يجب أن نأخذ بأقوال العقلاء منهم ونضع ايدينا في أيديهم لنساهم في توحيد صفوف المسلمين وليس في تفريقها .
ولكم جميعا جزيل الشكر على قراءة تعقيبي والمعذرة على الإطالة.