أزمة النظام السياسي

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
أمين نايف ذياب
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 70
اشترك في: الجمعة أغسطس 12, 2005 12:25 pm

أزمة النظام السياسي

مشاركة بواسطة أمين نايف ذياب »

النظام السياسي في الإسلام

بين
النظام التاريخي
و
النظام المأمول
و
النظام المطلوب


النظام السياسي المطلوب
لا يشك واحد من أهل القبلة ، بل وأي واحد من الناس له بعض دراية بالتاريخ الإسلامي – بوجود ارتباط بين الإسلام ( النص ) والإسلام ( التطبيق ) وكما أن الإسلام ( النص ) يحتاج إلى فهم فإن الإسلام ( التطبيق ) يحتاج إلى قيادة سياسية لها صلاحيات التطبيق فتجعله مطبقا ، هذا ما فعله الرسول صلوات الله عليه إذ كان يخبرهم بالنص ( القرآن ) كنبي ورسول ويقوم بالتطبيق كرئيس دولة ، ومن عمله التطبيقي فعله هو وإقراراه لعمل يعمله الناس أمامه ، ومن مقولاته كبيان لكيفية التطبيق وجد النص الثاني ( السنة ) .
وإذ توفي الرسول صلوات الله عليه انتهى النص الموحى به قرآنا وبيانا ومع ضرورة الاستمرار في تطبيق الإسلام اختلف المسلمون في من يخلفه أي لمن ولاية أمر المسلمين بعد الرسول ( القيادة السياسية ) ؟ وهل هذه القيادة السياسية هي مرجعية لفهم النص ( الكتاب والسنة ) حين الاختلاف في الفهم أم لا ؟ .
ما سبق هو أساس الاختلاف ومنه تولدت كل الاختلافات ، وبعبارة موجزة فإن أول اختلاف كان حول الإجابة عن سؤالين مهمين : السؤال الأول :لمن الأمر بعد الرسول ؟ والثاني إلى أي مدى يطاع ؟ .
لقد أجاب المسلمون على السؤال الأول إجابتين مختلفتين الإجابة الأولى : إن الله أناط أمر المسلمين بـهم يعطونه لمن يبايعونه بالرضا والاختيار على تطبيق النص والالتزام به . الإجابة الثانية : هي أن الأمر لله وضعه في آل بيت رسوله .
ومع الزمن نما الاختلاف واتسع وكثر الجدال فيه جاعلين النصوص سندا لواقعين مختلفين ، وتحول الأمر إلى اختلاق نصوص بل إن الذين قالوا بالرضا والاختيار – ولأن الرضا والاختيار لم يتحقق في ولاية أبي بكر وعمر بدون معارضة – عمدوا إلى وضع نصوص تسد هذه الثغرة – مع ملاحظة أنه تحقق القبول والطاعة لولايتهما .
إن كل إجابة من تلك الإجابتين حملت في طياتها اشكاليتها ، فقد اختلف المسلمون على الصفات التي يجب أن تتوفر في صاحب الأمر هذا ، واختلفوا في اختياره ، فهل يختاره أهل الحل والعقد؟ أم الأمة كلها ؟ وما هي صفات أهل الحل والعقد ؟ وما هو العدد من أهل الحل والعقد الذي تنعقد فيه الخلافة ؟ وهل أهل الحل والعقد أهل العاصمة ؟ أم العاصمة والأمصار ؟ وهكذا يتضح أن الإجابة الأولى أثارت مشاكل عديدة ، وان الرجوع إلى تاريخ الراشدين يبين مدى هذه المشاكل ، ويوضح العديد من الاختلافات ، فبيعة أبي بكر فلته كما وصفها عمر ، وبيعة عمر في عهد من الخليفة قبله بعد التشاور مع الناس ، كما قيل أو بدونها ، كما قيل أيضا ، وبيعة عثمان تمت بعد مشورة سرية من قبل عبد الرحمن بن عوف لأهل العاصمة رجالا ونساء ، وإذ بايع عبد الرحمن لعثمان بايعه على كتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين ( المقصود بالشيخين أبي بكر وعمر ) وهكذا يعلم كم هي المشاكل الناتجة في هذا الجزء .
أما إلى أي مدى يطاع فالأمر أكثر تعقيدا ، فأحاديث الطاعة التامة وان أكل الأموال وان سرقها وان جلد الظهر وان فعل المنكر في نفسه وفي المسلمين ، ما لم يأمر بمعصية ، مع أحاديث تقابلها وتعارضها من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإزالة الجور بحد السيف … الخ هذه المقولات المتناقضة.. نتج انقسام داخل من يقول بفكرة عقد المراضاة .
وعند العودة للإجابة الثانية ، وهي أن الأمر لله ورسوله وضعه رسوله بوحي من الله في آل بيته ، أي انه في علي وأبنائه من فاطمة ليكون في عقبهما إلى يوم القيامة . إلا أنها أثارت من المشاكل الكثير . إذ ادعّى العباسيون بالذات أن الحكم لهم ، فانقسم آل هاشم إلى عباسيين وطالبين . وزعم مؤرخو الفرق انقسام الطالبية إلى جناحية وكيسا نية وآل البيت ، وانقسم آل البيت إلى : إمامية وزبدية وإسماعيلية ، اندثر البعض منها ولا تزال إلى الآن في ثلاث فرق كلها تنتمي إلى آل البيت هي : الإمامية والنصيرية فرع منها ـ ولكنه فرع فيه الغلو الشديد ولهذا فهو مطرود من الإمامية ، والزيدية ، و الإسماعيلية المنقسمة إلى نزارية ومستعلية ، وأخيرا الدروز إذ هم فرع من الإسماعيلية النزارية وانقسام المستعلية منذ 1005 هـ إلى بهرة سليمانية وبهرة داهودية والحقيقة هي قسمة أهل النص إلى زيدية وامامية ثم انقسام الإسماعيلية عن الامامية إلى انقسامات ، وهكذا يعلم اختلاف القائلين بالنص إلى العديد من الآراء والفرق .
وعند موضوع الطاعة تتباين الآراء فهو مطاع معصوم عند الشيعة الامامية وله ولاية تكوينية ، وهو مطاع ما دام عدلا عند الزيدية ، وهو إله أو حل فيه الله عند الإسماعيلية وما تفرع عنها من فرق .
الخلاصة المكثفة السابقة أظهرت جليا المشاكل المتعددة والمختلف عليها في الفكر السياسي الإسلامي ، وأوضحت أن السبب يكمن في أدارة فهم النصوص وفق الهوى المسبق ، وفي الجرأة على وضع الأحاديث خدمة لرأيهم ، مما جعل المسألة داخل هذا المساق عسيرة الحل إن لم تكن مستحيلة الحل .
إن زعم الزاعمين بأن أحاديث الرسول صلوات الله عليه كافية لنزع فتيل الشقاق والنزاع أمر لا يثبت إذا علمنا أن كلا من أهل السنة والجماعة والامامية وهي الفرق الأكثر تناقضا يقوم سندهم على رواية الثقات ، ولكن أي ثقات ؟ !!! ثقات أهل السنة والجماعة كذبة عند الشيعة ، وثقات الشيعة الامامية كذبة عند أهل السنة والجماعة وهكذا يستعصي الأمر .
ولرب قائل يقول بوجود أحاديث مشتركة بين الشيعة وأهل السنة والجماعة ، فلماذا لا تكون هذه الأحاديث المشتركة هي الحل كحديث الثقلين ؟ وحديث غدير خم وحديث الرزية يوم الخميس وحديث الراية يوم خيبر وحديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى .
إن هذا القدر المتفق فيه رواية مختلف فيه اختلافا بينا معنى ، ليس بين أهل السنة والجماعة والشيعة ، بل داخل الشيعة نفسها ، فالزبدية ورجالهم خاصة من آل البيت ، الحسن بن الحسن ، وعبد الله بن الحسن المثنى ، وزيد بن علي زين العابدين ، ومحمد النفس الزكية ، يرفضون مقالة الشيعة الإمامية ، ويرونه نصا غير جلي ، بينما يقول الامامية بأنه نص جلي وقطعي ومن أصول الدين عندهم .
لكن المشكلة الأكبر لو سلمنا جدلا أن الرسول عين عليا أميرا للمؤمنين بعده فما هي مرتكزات تعيين الحسن والحسين إلى إثني عشر إماما هم أئمة أهل البيت ؟ وما هي المرتكزات لدعوى العصمة لهم ؟ وما هي المرتكزات لأن يكون النص على إثني عشر لا غير ؟ أمور كلها غير مبررة وغير مقنعة . ولهذا تباين فيها أهل البيت أنفسهم .
إن الأنكي من هذا ربط المسلمين عودة العدل واستقامة الأمر وزوال الاعوجاج في أمام من آل البيت مهدي هذه الأمة، يصلحه الله في ليلة عند أهل السنة والجماعة ، وهو في الغيبة الكبرى عند الشيعة الامامية ، ويدعون دائما ( عجل الله فرجه ) ، وإذا كان لمن سيم العذاب والقهر والجور في العهد الأموي والصدر الأول من العباسي عذر لمثل هذا الحلم المكذوب مع أن الإمامية في التقية والقعود لم تتعرض للقتل كما يزعمون !! إن جعل العدل يأتي لوحده ممكن القبول به بسياق زمني محدود جدا فإن في انتظار هذا العدل وقد مرت المئات من السنين وحال الأمة تزداد سوءا يعتبر هذا الانتظار حالة تخلف وقعود ورضا بالظلم واستمرار للهوان ، أما مقالة أهل السنة والجماعة بضرورة الفعل مع الحكم عليه سلفا بالفشل ، إذ أنهم يرون عودة الخلافة الراشدة مرتبط بمجيء وعد الله إذ بدون زمنه فالفشل هو الحليف ، ومقالة ولاية الفقيه عند الامامية التي جاءت متأخرة فإنها لن تنجي الأمة من المهلكة والضياع الشديد يوم القيامة .
لكن كيف قابل أهل السنة والجماعة أهل النص والتعيين والعصمة والمهدي المنتظر ؟ قابلوه بنفس المادة والتعيين لأبي بكر وعمر ثم في قريش وأقاموا عصمة لكل الصحابة في سائر طبقاتها يستوي أهل الطبقة الأولى مع الطبقة الأخيرة الثانية عشرة وينتظرون مهديا منتظرا من آل الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وفرضوا وجوب طاعة الظلمة ودافعوا عن تصرفات يزيد بن معاوية .
إن النظام الإسلامي العادل هو نظام مأمول عند الشيعة الامامية وهم خمس الأمة الإسلامية وعند أهل السنة والجماعة وهم أربع أخماس الأمة الإسلامية وهكذا تحولت الأمة إلى امة منتظرة وما تقوم به من أعمال غير جدية لإعادة الرشد الإسلامي ، إنما تقوم به لزوال الإثم عنها ، وليس لتحقيق النتائج .
الإسماعيلية بجميع فرقها وان كان تعد من حيث الأصل من الأمة الإسلامية إلا أنها خرجت من هموم الأمة الإسلامية وهي الآن حركات دينية مغلقة ، أما الطائفة النصيرية وهي من حيث الأصل من الامامية ، وكون حافظ الأسد واحدا منهم لا يعني عودة النصيرية للسياسة فهي لا تزال أدوات خارج الهم السياسي كل ما في الأمر أنها تستغل كواحدة من أدوات الإسناد لحكم حافظ الأسد في سوريا بالإضافة إلى سنده حزب البعث السوري لكن السند الأساسي لحكمه وهو الغرب خاصة الولايات المتحدة .
بقي من الأمة الإسلامية الزبدية في اليمن الشمالي ، والاباضية في عمان أما الاباضية في ليبيا وتونس والجزائر فقد ارتضوا نظام العزّابة كصيغة سياسية وقائية تمنع الاندثار ، أما الزيدية في اليمن والاباضية في عمان فعوامل التآكل لفكرهم السياسي هي من الوضوح بمكان ، وعوامل التآكل لجماعتهم كجماعة سياسية واضح تماما ، إذ تتعرض الفرقتان لهجوم سلفي واضح .
إن المطلوب الآن هو إحداث نقلة في الأمة الإسلامية كلها ، ولكنها أي النقلة لا بد أن تبدأ بمجال حيوي ومهم وقادر على حماية نفسه وعلى التوسع ، هذا المجال هو العراق وبلاد الشام كلها ومصر وشمال الجزيرة العربية موئل مهبط الوحي كجغرافية سياسية فكرية تستهدف هذه النقلة بناء طريقة تفكير على أساس الإسلام عندها وفي مجملها وبيان منهج لفهم النص الإسلامي يصحح مفاهيمها ويسير بها في مدارج الرقي وحركة جماعية للتغيير السياسي والثقافي الحضاري وبناء قدرات الأمة في العلم التجريبي والاكتشاف والاختراع والصناعة لتتمكن من إيجاد دولة الأمة الإسلامية المميزة القادرة على صنع التاريخ وليست الواقفة في محطة مر منها التاريخ لتنتقل بعدها إلى الأمة المتسلمة زمام القوامة على العالم .
ذلك هو النظام السياسي المطلوب نظام الدولة الإسلامية دولة العدل والهداية مرتكزة لمجمل الأمة الواعية القادرة على الفعل وهذا لا يتأتى بالعودة إلى التاريخ وإنما بصناعة الإحداث سياسيا ، أي صناعة التاريخ منتفعة في ما مضى من التاريخ تفكرا واعتبارا وتثبيتا واقتدارا على إنتاج الأفكار .
إن النظام المطلوب مرتبط ارتباط حتم بحس الأمة حسا مرهفا بحاجتها إلى إعادة بناء نفسها في فكرها ومشاعرها بتحرير إرادتها وسيادتها من السيطرة ، وممارسة الفعل ممارسة مستمرة ،دءوبة جدية ، وان الفعل لأجل هدف فما لم تكن على هذه الصورة فإنها ستكون سائرة في الحلقة المفرغة كما قد سارت سابقا وحصدت منه الفشل والتردي والسقوط واستسلمت الآن لعدوها في حالة من يأس وقنوط إن ذلك هو الاندثار لأمة أراد الله إرادة شرعية أن تكون هادية للبشرية ، وفي محل القوامة عليها .
إن مثل هذا الهدف لا يتأتى وجوده بدون تغيير أساسي شامل في مجمل فكر الأمة بحيث تعود لها فاعليتها ويعيد للنص قدرته على حل مشاكل الحياة مهما تجددت ومهما تنوعت وكيف تعقدت بإعادة الاجتهاد وهذا البذل يجب أن يتوجه نحو الفكر السياسي والفكر الحركي لصنع أمة قادرة على إنتاج دولة الأمة وهي أمة ذات حضارة إنسانية راقية وذات إنجازات علمية متقدمة .
إن دولة الأمة هي الدولة المرتكزة والمعتمدة على الفكرة السياسية المبدأية والموصوفة بالتحديد والوضوح والبلورة والصفاء والنقاء والحيوية من خلال التطور والحركة والنمو والإنشاء والارتقاء شريطة أن تكون ذات مرجعية ليست مرجعية أشخاص بل مرجعية فكرية وحشد من المفكرين والمبدعين أو المدركين لواقع الأفكار يشكلون عقل وعين الأمة برفع وعيها رفعا حقيقا أي إنهم ليسوا أوصياء عليها وإنما هم أصحاب دعوة يقدمونها لغاية رسالية ( الرسالية تعني مباشرة الدعوة كمهمة وليس طلبا للمجد أو المال أو الحكم وان كانوا يعملون على وصول فكرتهم للحكم ) فإذا حدثت النقلة في الأمة قام النظام السياسي المطلوب ولا بد من استمرار الرساليين في العمل على المحافظة على الأمة من الانتكاس في الحس والفكر ومنع السلطة من الجور .
آخر تعديل بواسطة أمين نايف ذياب في الجمعة سبتمبر 02, 2005 4:28 pm، تم التعديل مرة واحدة.
العقل أول الأدلة فالكتاب فالسنة فالإجماع
الشرع مصلحة للناس
www.almutazela.com

وجدانُ الأمةِ
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 619
اشترك في: الثلاثاء فبراير 01, 2005 11:50 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة وجدانُ الأمةِ »

الموضوع أكثر من مهم..مررت عليه سريعاً ..ولي عودة إن شاء الله..!
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“