اشكالات حول قضية الشورى المزعومة !!!!

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

اشكالات حول قضية الشورى المزعومة !!!!

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

الحمد لله رب العالمين
الإخوة الكرام رواد هذا المنتدى المحترم الحر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تاريخ الصراع الفكري في قضية الشورى تاريخ طويل ومنذ زمن بعيد فقد اختلفت أنظار العلماء المفكرين فيه كثيرا وسبب هذا الاختلاف له عوامل كثيرة قد تكون مذهبية أو عرقية أو طائفية ....الخ من العوامل المتعارف عليها عند أهل النظر .
وفي اعتقادي _وهذا موضوع يخصني ولا أدعو أحدا منكم أن يقلدني فيه_ أن أهم هذه الأسباب في هذا الصراع هو بعد هؤلاء العلماء العظماء وغيرهم عن المنهج الحقيقي لتفسير الدليل القرآني عن طريق تفسير الدليل في غير محله وأيضا البعد عن فكر أهل البيت والتغاضي عن تفسيراتهم لهذا الدليل وهذا ليس اتهاما مني لهم بل هو تحليل قد أصيب فيه وقد أخطئ.
والذي جعلني أضع هذا الموضوع للدراسة والنقد هو أني قد توصلت إلى اعتقاد معين في هذا الموضوع فكوني أري أن مسألة الإمامة أصل من أصول الدين لا يجوز التقليد فيها هذا المبدأ جعلني أصل إلى نتيجة حتمية في موضوع الشورى علما أن هناك من علماء مذهبي ونحلتي من يرى أن مسألة الإمامة ليست من أصول الدين بل هي من فروع مسائل أصول الدين وهذا الرأي غير ملزم لأحد لا لي ولا لكم ولا لغيرنا وهذا بسبب القاعدة المتقدمة وهى تحرم التقليد في هذه المسائل .
ومما زاد الأمر عندي وضوحا ما قرأته في كتاب المجموع الكبير(مطبوع بتحقيق الأخ عبد الكريم جدبان ) لمولانا نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم الرسي صلوات الله عليه فقد جاء بحوار يذهل الألباب ويشفي الصدور .


وهذه ترجمة مختصرة له صلوات الله عليه :-
هو الإمام القاسم المعروف بين العترة المطهرة المشهور بترجمان الدين وبنجم آل الرسول كان مولده سنة مآئة وسبعين هجرية بعد مقتل الإمام الحسين بن علي الفخي بأشهر ووفاته سنة مآئتين واثنين وأربعون وقيل وأربع وأربعين قال الشاعر مادحا له :
ولـو أنه نـادى المنادي بمكةٍ بخفِ منىً في مَن تضمُّ المواسمُ
مَن السيدُ السباق في كل غايـة لقال جميع الناس لا شك قاسـمُ
ونسبه الشريف ينتهي إلى الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم والى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فهو القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن بي طالب كرم الله وجهه وصلوات الله عليهم أجمعين.
قال عنه العالم الرباني جعفر بن حرب(من علماء المعتزلة) بعد أن أكثر من مجالسته (أين كنَّا من هذا الرجل فوالله ما رأيت مثله)



قال رحمه الله في المجموع الكبير ما نصه :-

يسأل الذين قدموا أبا بكر. فيقال لهم: خبرونا عن جميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الله، وأَمَرنَا به من طاعة الله، ما هو وهل يخلو من ثلاثة أوجهٍ ؟!
إما فريضةٌ أوجبها عليهم من الله.
وإما سُنَّة سنها لهم.
وإما تطوعٌ أمرهم به على الترغيب فيه، إن شاءوا فعلوه، وإن شاءوا تركوه.
فَمَن قولهم: لا يخلو من أحد هذه الثلاثة الوجوه، ولا سبيل لَهُمْ إلى أكثر من ذلك؛ لأن ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه أحد هذه الثلاث الخصال.
يقال لهم: فأخبرونا عن هذه الفرائض التي أمرهم النبي بها عليه السلام، عن الله، معروفة معلومة، أو مجهولةٌ غير معروفة ؟
فمن قولهم: لا. بل معروفة غير مجهولة.
فيقال لهم: فمثل أيّ شيء ؟
فمن قولهم: مثل صلاة الظهر أربع ركعات، وصلاة المغرب ثلاث ركعات، والصبح ركعتان، ومثل الزكاة من مأتي درهم خمسة دراهم، ومن أربعين ديناراً دينارٌ، ومثل فرائض المواريث للبنت النصف، وللذكر مثل حظ الأنثيين.
فيقال لهم: هل يجوز لأحد أن يُحوِّل هذه الفرائض فيجعلها على خلاف ما فرض الله ؟
فإن قالوا: نعم . أبطلوا جميع الفرائض. وإن قالوا: ما تعنون بقولكم يُحوِّلُها ؟
قيل لهم مثل المغرب يجعلها ركعتين، ومثل الصبح يجعلها ثلاثاً، ومثل أن يفرض للبنت الواحدة الثلث، ويعطي الذكر مثل حظ الأنثى، وفي ست من الإبل شاةً، وفي مأتي درهم ثلاثةَ دراهم، وفي ثلاثين من الغنم شاةً، وفي عشرين من البقر بقرةً.
فمن قولهم: هذا لا يجوز.
قيل لهم: لم لا يجوز ؟
فإن قالوا: لأن هذه الفرائض جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معروفة معلومة محدودة، فإن زادوا فيها أو نقصوا خالفوا الله ورسوله فيما أمرهم به، وفرضه عليهم، وفي خلاف هذا هدمُ الدين.
قيل لهم: فجميع الفرائض على هذه الحال ؟
فإن قالوا: لا. تركوا قولهم إنه لا يجوز أن يتركوا ما أمرهم الله به. فيكون في قولهم إنه يجوز في بعض ولا يجوز في بعضٍ.
وإن قالوا: لا يجوز النقصان ولا الزيادة في جميع الفرائض.
قيل لهم: هذه الفرائض قد أجمعتم عليها أنه لا يجوز فيها زيادة ولا نقصانٌ. فأخبرونا من السنن ما هي عندكم ؟ فمن قولهم مثل مواقيت الصلاة، الظهر إذا زالت الشمس، والمغرب إذا غربت، والصبح إذا طلع الفجر، ومثل زكاة الفطر، ومثل صلاة الوتر بالليل ثلاث، وركعتان قبل الصبح، ومثل هذا من المناسك والسنن.
قيل لهم: ما تقولون: هل يجوز لأحدٍ أن يحوِّل هذه السنن عن جهاتها، فيجعل الوتر بالنهار، ووقت الظهر لوقت العصر، وصلاة النهار بالليل، وزكاة الفطر في الأضحى، وركعتي الفجر قبل الصبح، وكل شيء من السنن يحوِّلُها على هذا النحو ؟!
فمن قولهم وقولنا: لا يجوز تحويل هذه الأشياء على خلاف ما سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قيل لهم: وكذلك جميع السنن!
فإن قالوا نعم. قادوا قولهم إنه لا يجوز تغيير شيء من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما لا يجوز تغيير شيء من الفرائض التي ذكرنا.
قيل لهم: فما تقولون في التطوع ؟
فإن قالوا: الناس كلهم في التطوع بالخيار، إن شاءوا فعلوه وإن شاءوا تركوه، وكذلك قول الله تعالى: &يقال لهم عند ذلك: ما تقولون في الإمامة هي من دين الله أم من غير دين الله ؟
فإن قالوا: ليست من دين الله، لزمهم في إجماع من أجمع على إمامة أبي بكر أنهم لم يكونوا على دين الله.
وإن قالوا: الإمامة من دين الله.
قيل لهم: من أي دين الله ؟! من الفرائض، أم من السنن، أم من التطوع ؟! فقد زعمتم أن الدين لا يخلو من أحد هذه الثلاثة الوجوه.
فإن قالوا من الفرائض.
قيل لهم: كيف فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمامة لأبي بكرٍ، سماه لكم رسول الله صلى الله عليه باسمه وعيَّنه، أو دَلَّ عليه بصفته، أو تركها شورى، أو سكت فلم يقل من ذلك شيئاً ؟! ولا بد من إحدى هذه الخصال ولا خامسة معهنَّ.
فإن قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نص لنا أبا بكر بعينه واسمه ونسبه.
قيل لهم: فما بالهم وقفوا عنه ثلاثة أيام يشاورون فيه، وقد سماه رسول الله باسمه ونصبه بعينه، وما بال أبي بكر، قال لهم: أنا أرضى لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أحدهما أبا عبيدة بن الجراح، أو عمر بن الخطاب ؟ فقال أبو عبيدة وعمر لسنا نفعل ولا نبايع أحداً إلا أنت، ابسط يدك حتى نبايعك. فبسط يده فبايعاه. فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله باسمه ونصبه بعينه ؟! وهو يقول: بايعوا أبا عبيدة أو عمر! هذا خلاف ما فرض الله عليهم، أن يكون رسول الله سماه وهم يتشاورون فيه! وهو أيضاً يسمي لهم وينص على من لم يُسَمِّه رسول الله ولم يرضه لهم!! ولا يجوز في فريضة الله خلاف ما فرض. مع أنهم إن كانوا تركوا رسول الله صلى الله عليه وآله لشكٍ منهم في قوله كفروا، وإن كان لخلافٍ منهم فقد عاندوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومن عاند رسول الله فقد كفر.
وإن قالوا: لم يكن وقوفهم تلك الثلاثة الأيام لشكٍ منهم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم! ولكنهم وقفوا ليجتمع الناس مَن غَابَ وحضر.
قيل لهم: أَوَ كذلك فرض الإمامة الوقوف والتشاور بعد الاسم والنص ؟!
فإن قالوا نعم.
قيل لهم: فهل يجوز لهم أن يحولوا هذه الفريضة عن جهتها ؟
فإن قالوا: لا يجوز لهم.
فهل أدَّى أبو بكرٍ هذه الفريضة كما أمر الله ؟!
فإن قالوا: نعم. وسمى لنا عمر ونصبه بعينه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قيل لهم: فما بالكم لم تشاوروا في عمر كما تشاورتم في أبي بكر بعد النبي عليه السلام ؟!
فإن قالوا: لأن ذلك جائزٌ لنا.
قيل لهم: فقد نقضتم قولكم لا تُغيَّر الفريضة. وهذا نقض الفريضة التي فرض الله ورسوله لكم في أبي بكر، إذ لم تشاوروا في عمر كما تشاورتم في أبي بكر. ولم تشاوروا في قول أبي بكرٍ، كما تشاورتم في قول النبي صلى الله عليه وآله.
فإن قالوا: لأن المشورة إليهم.
قيل لهم: فأيهما أوثق في قوله، النبي صلى الله عليه وآله أم أبو بكر ؟!
فإن قالوا: أبو بكر كفروا! وإن قالوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوثق.
قيل لهم: ما أَبْيَنَ نفاقكم، إنكم تقولون النبي أوثق وأنتم تشاورون بعده. وأبو بكر عندكم ليس بأوثق من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنتم لا تحتاجون بعد قوله إلى المشورة. فقد لزمكم أن أبا بكر عندكم أوثق من النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن أوثق الأوثاق الذي لا تَشَاوُرَ في قوله. وهذا التناقض من الكلام غير معقول، ممن قاله ولا مقبول.
ويُسألون أيضاً: هل كان لله على عمر أن يؤدي فريضة الإمامة، كما أدى رسول الله صلى الله عليه وآله في أبي بكر، وكما أدى أبو بكرٍ في عمرَ ؟!
فإن قالوا: لا. صيَّروا لعمر ديناً على حدة. وإن قالوا: لله على عمر أن يؤدي فريضة الإمامة على مثل ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله.
قيل لهم: فَلِمَ جعلها عمر شورى بين ستة ؟! وإنما كان فعل النبي صلى الله عليه وآله في أبي بكر، كما زعمتم أنه سماه باسمه ونصبه بعينه! وكذلك فِعلُ أبي بكر في عمر، كما زعمتم.
فإن قالوا: لأن الخلاف في هذه الفريضة جائز.
قيل لهم: فقد نقضتم قولكم، حيث زعمتم أن فرائض الله لا يجوز تحويلها عن جهاتها. ونحن نراكم تقولون في أوكد الفرائض إنه يجوز أن يُخَالَفَ فيها الله ورسوله!!
ويسألون ما تقولون، هل جعل رسول الله صلى الله عليه وآله في الإمامة شورى بين ستة ؟
فإن قالوا: نعم . كذَّبَتْهُم الأمةُ ! وإن قالوا: لم يجعل فيها شورى.
قيل لهم: فهل جعلها عمر شورى بين ستةٍ ؟
فإن قالوا: لا.
قيل لهم: فقد خالف عمر النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن النبي جعلها شورى، ولم يجعلها عمر شورى. وتكذبهم الأمة أيضاً أن عمر لم يجعلها شورى، وكفى بتكذيب الأمة حجة عليهم.
وإن قالوا: نعم قد جعلها عمر شورى بين ستةٍ.
قيل لهم: فمن كان أوثق في فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم عمر ؟!
فإن قالوا: النبي صلى الله عليه وآله أوثق في فعله.
قيل لهم: فَلِمَ خالف عمر الفرض في الإمامة أن يتبعوا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: &ويقال لهم: أخبرونا لو أنَّ عمر عمد إلى صلاة الظهر فجعلها خمساً كان ذلك جائزاً ؟!
فإن قالوا: لا.
قيل لهم: وَلِمَ ؟!
فإن قالوا: لأن الفرائض لا تُغيرَّ، ولا يجوز أن يُصيَّرَ ما جعل الله أربعاً خمساً.
قيل لهم: كيف جاز لعُمر في فريضة الإمامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله نَصَّ أبا بكرٍ، وأن أبا بكر نص عمُرَ، وأن خالفهما جميعاً فجعلها شورى بين ستة، فهذا خلاف فريضة الله ورسوله. وعمل بخلاف ما فَعَلاه.
وإن قالوا: إن ذلك جائزٌ في الإمامة ولا يجوز في غيرها. نقضوا قولهم في أول المسألة إنه لا تُغيَّر فرائض اللهِ. وصاروا إلى أن فرائض الله يجوز تغييرها. ويلزمهم في ذلك إن جاز في بعضها، جاز في كلها، حتى لا يبقى دينٌ إلا غُيِّر!! وهذا فاسدٌ منكسرٌ على من قال بهذه المقالة في فرض الإمامة أنه نص أبا بكر!!
ويسأل الذين قالوا: فرض الإمامة شورى بين المسلمين، ما تقولون: كيف فرض الإمامة من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
فإن قالوا: جعلها شورى بين المسلمين.
قيل لهم: وما الدليل على ذلك ؟
فإن قالوا: قول الله بتارك وتعالى: &فإن قالوا: نعم. نقضوا قولهم، وفارقوا الإجماع في أنه لا تُحَوَّل فرائض الله. ولو جاز ذلك لجاز أن يجعل الظهر خمساً والعصر ستاً، والمغرب ركعتين، وكذلك الفرائض. وهذا نقضٌ لدين محمد عليه السلام.
وإن قالوا: لا يجوز في الإمامة تغييرٌ، ولا خلافٌ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله.
قيل لهم: فما بَالُ أبي بكر لم يجعلها شورى بين المسلمين كما جعلها النبي عليه السلام ؟!
فإن قالوا: لأن خلاف أبي بكر صوابٌ.
قيل لهم: وكذلك خلاف عمر صوابٌ، وكل من يأتي بعدهما إلى يوم القيامة، يخالفون رسول الله وأبا بكر وعمر، وجميع الأئمة.
فإن قالوا: ذلك جائزٌ.
قيل لهم: وكذلك جميع الفرائض!
فإن قالوا: لا.
قيل لهم: لِمَ لا يجوز وقد جوزتم في بعضٍ ؟! ولا حجةَ لهم!
وإن قالوا: يجوز. لزمهم نقض الدين كله. فإذا اضطروا أنه لا يجوز إلا الشورى، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله لزم أبا بكرٍ أنه خالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث استخلف عمر ونصبه بعينه، ولم يجلها شورى بين المسلمينَ كما جعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
[وخالف عمرُ رسولَ الله وأبا بكر] حيث جعلها شورى بين ستة، فلا هو اقتدى برسول الله صلى الله عليه وجعلها شورى بين المسلمين، ولا هو اقتدى بأبي بكر فنص بعده رجلاً كما نصه أبو بكر بعينه واسمه. وهذه فريضة متناقضة. لأنا وجدنا أبا بكر لم يتبع فعل النبي عليه السلام في فريضة الإمامة، إذ زعمتم أنه جعلها شورى بين المسلمين، وكذلك عمر جعلها شورى بين ستةٍ. فكل واحدٍ منهما قد خالف صاحبه، وخلافهما جميعاً خلافٌ لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن كان صواباً ما خالفا به رسول الله في الدين قاسوا أبا بكر وعمرَ برسول الله عليه السلام، وزعموا أنه يجوز لكل واحدٍ منهما خلاف صاحبه، وأنه يجوز لهما أيضاً خلاف رسول الله، فإن قالوا: ذلك لا يجوز لهما. فقد ابتدعا في الاسلام ما لم يكن لهما.
ويُسألون عن فعل أبي بكرٍ وعمر في الإمامة، كان أصْوَبَ أم فعل النبي ؟!
فإن قالوا: فعلُهما. كفروا!!
وإن قالوا: فعل النبي عليه السلام أصوب.
قيل لهم: فأيهما كان أولى بأبي بكر وعمر يقتديان بالنبي أم لا يقتديان به ؟
فإن قالوا: يقتديان بالنبي خير لهما.
قيل لهم: فحيث خالفا النبي عليه السلام في الإمامة اقتديا به أم لم يقتديا به ؟!
فإن قالوا: لا. بل اقتديا. خالفوا أن تكون الشورى بين المسلمين مثل الشورى بين ستة، وأن تسمية أبي بكر لعمر وحده هي شورى بين المسلمين. وهذا المحال من الكلام.
وإن قالوا: لم يقتديا بالنبي ولو اقتديا به كان خيراً لهما.
قيل لهم: أفيجوز لهما ما فعلا أم لا يجوز ؟
فإن قالوا: نعم. هذا جائز لهما.
قيل لهم: أفصوابٌ ذلك أم خطأ ؟!
فإن قالوا: بل خطأ. لزمهم أنه يجوز أن يُخَالَفَ رسول الله صلى الله عليه وآله. وإن زعموا أنه صوابٌ فقد زعموا أن خلاف النبي عليه السلام صوابٌ. وهذا ما لا يقول به أحدٌ من المصلين. وزعموا أن أبا بكر وعمر جائزٌ لهما أن لا يقتديا برسول الله صلى الله عليه وآله. وهذا شر ما أضيف إليهما تركُ الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله.
وقال بعضهم: إذا كانت الشورى بين المسلمين فليس بمتناقض إنما هو ما رأى المسلمون، إذا أجمعوا على أن يُصيِّروا رجلاً بعينه، وأن يجعلوه بين ستةٍ فهو ما فعلوا، فلهم ذلك، وليس في هذه الفريضة تناقض، إنما كان الأمر شورى.
فيقال لهم الشورى من الجميع أم من بعض ؟!
فإن قالوا: من الجميع. قيل لهم :فكيف جعل أبوبكر عمرَ بغير شورى بين المسلمين ؟! وقد وجدناهم يقولون ننشدك الله أن تستعمل علينا عمر فإنه فظ غليظ. فقال: أتخوفونني بالله، أقيموني فلما أقاموه، قال اللهم إني إذا لقيتك قلت استعملت عليهم خيرَ خلقك. والدليل على أنها لم تكن شورى أنه ساعة مات أبو بكر كان الخليفة من بعده عمر. وقد أجمع الناس على هذا. وقد أقاموا بعد رسول الله ثلاثة أيام يشاورون في أبي بكر. إلا أن يكون عمر بَانَ من الفضل بما لم يكن بَانَ به أبو بكر عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم!! فإذا انكسر هذا لم يكن يجوز لأبي بكر أن يقدم عمر إلا بشورى، ولا يجوز له ذلك دون المسلمين جميعاً.
وكذلك أيضاً يلزمهم في ستة دون المسلمين . فيلزمهم إن كانت إصابة الإمامة لا تكون إلا بالشورى من الجميع، أن الذي فعل أبو بكرٍ خطأ، وأن الذي فعل عمر خطأ، وإن كانت الشورى بين ستة كما فعل عمر فقد أخطأ أبو بكر، وإن كانت كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أخطأا جميعاً!
ويسأل الذين زعموا أن فريضة الإمامة من رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي بكر بالصفة والدلالة، وأنهم إنما أقاموا أبا بكر بتلك الدلالة، مثل قول النبي صلى الله عليه : (صل بالناس). ومثل: يوم بدر أقعده معه في العريش، وكان مجلسه عن يمين رسول الله عليه السلام. قالوا بهذه الصفات اختاروا أبا بكر.
قيل لهم: فما بَالُ أبي بكر لم يدل على عمر بالصفة حيث سماه لهم باسمه ونصبه بعينه، وأقامه بعده، كما دلَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي بكر ؟! ولا يجدون إلى دفع ذلك سبيلاً. وهذا خلاف لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفرض فريضة بالدلالة، ويجعلها أبو بكر بالنص وكذلك عمر أيضاً جعلها شورى. وهذا ما لا يجوز، أن يحوّل فريضة من فرائض الله عن جهتها، وإن جاز أن يُخالَفَ رسول الله صلى الله عليه وآله في فريضة واحدةٍ، جاز أن يُخالَف في سائر الفرائض، حتى تعطل جميع فرائض الله، وتحدث فرائض أخرى.
وإن قالوا: لا يجوز هذا إلا في فريضة الإمامة. سُئلوا الدليل على ذلك ؟
وكذلك أيضاً إن قالوا: الإمامة سنةٌ على مثل قياس الفريضة، فإن جوزوا تبديل سنن الله وسنن رسوله صلى الله عليه وآله، مثل صلاة الوتر بالنهار، وزكاة الفطر في الأضحى، وصلاة العصر في وقت المغرب، وصلاة الصبح في وقت العتمة، حتى تبطل جميع سنن الله.
فإن قالوا: لا يجوز تحويل السنة إلا في الإمامة. سئلوا الدليل على ذلك ؟ ولا يجدون إلى ذلك سبيلاً. ويلزمهم من ذلك مثل ما لزمت الحجة في مسألة الفريضة.
وإن قالوا: إن الإمامة تطوع. لزمهم أن سننَ الله وفرائضه لا تقوم إلا بالتطوع. وهذا ما لا نحب لأحد أن يقوله.
ويُسأل الذين يزعمون أن الإمامة لا تكون إلا بالشورى من جميع المسلمين، يقال لهم: أخبرونا عن الشوررى، في الأمة جميعا أم في كل جنسٍ، أم في الفاضل أم لا تكون إلا في جنس واحدٍ؟
فإن قالوا: لا تكون إلا في جنس واحد. نقضوا قولهم إن الشورى لا تكون إلا بالمسلمين جميعاً
وإن قالوا: لا تكون إلا من الأجناس جميعاً.
قيل لهم: فما بَالُ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُدخلوا معهم في الشورى غيرهم ؟ وما بَالُ عمر لم يجعلها في الأجناس جميعاً ؟ وما باله لم يجعلها شورى بين المسلمين كلهم ؟ وهذا متناقض لا يستقيم. فأي ذلك قال انكسر عليه حتى يرجع إلى أهل الحق!
واعلم أن أَفْرضُ الفرائض وآكدها فرضٌ الإمامة؛ لأن جميع الفرائض لا تقوم إلا بها. ولا يجوز تبديل فريضة الإمامة بوجهٍ من الوجوه، لأن فيها من الإفساد ما ليس في غيرها.
وإن سألوا فقالوا: ما تقولون في الإمامة فريضة هي، أم سنة، أم تطوع ؟
قيل لهم: بل أَفْرَضُ الفرائض، وآكده في الفرض.
فإن قالوا: هل يجوز أن يخالَف في هذه الفريضة ( بوجه من الوجوه ؟
قيل له: لا. لأنه لو جاز أن يخالف فريضة لجاز أن يخالف الفرائض ) كلها ؟
فإن قالوا: فما وجه الإمامة عندكم ؟
قيل: وَجْهُ الإمامة موضع الإختيار من الله معدن الرسالة ليكون الموضع معروفاً. والدليل على ذلك أن الإمامة موضع حاجة الخلق، فلا يجوز أن تكون في موضع غير معروفٍ، إذاً بطلت الحاجة وضاع المحتاجون، وإذا كان ذلك كذلك فسد التبيين، ودخل الوهنُ في الدين؛ لأن الله تبارك وتعالى، وضع الأشياء موضع الحاجة، ووضع للمحتاجين ما فيه صلاحهم. ولو لا ذلك لفسد التدبير، وهلك الخلق.
والدليل على ذلك أن الله بعث الرسل لحاجة الخلق، ليبين لهم ما فيه صلاحهم، وإذا لم يبين لهم ما فيه صلاحهم هلكوا. فلذلك قلنا: لا يجوز أن تكون الإمامة بعد النبوة إلا في موضع معروفٍ لحاجة الخلق إليها، وإلا فسد التدبير وضاع الخلق.
ومما يصدق قولنا أن الإمامة موضع حاجة الخلق، وأنه لا غناء بالناس عنه، قول الله تبارك وتعالى في كتابه: &فإن قالوا: بينوا لنا وجه الفريضة ؟
قيل لهم: الوجه على مثال قياس الفرائض كلها، يأتي الخبر من الله فيأمر نبيه عليه السلام أن ينص رجلاً بعينه من موضع معروف، ولا يكون ذلك الموضع إلا وهم به عارفون في النسب والتقى، ليكون موضع القنوع حتى لا يقول أحدٌ أنا أولى. كما لم يجز لأحد أن يدعي أنا أولى بالرسالة من الموضع الذي بعث الله منه نبيه. وكذلك الإمامة في أرفع المواضع، وهو معدنُ الرسالة لقطع الحجة.
والدليل على ما قلنا أن الإمامة إذا خرجت من أرفع المواضع وأقربها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، ادعت كل فرقة من الأمة الإمامة، ووقع الاختلاف، وفي الاختلاف إبطال الدين.
فإن قالوا: إنك ادعيت أن الإمامة بخبر من رسول الله صلى الله عليه وآله أن ينص رجلاً بعينه، فإذا قبض النبي انقطع الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله فقد تغيرت الفريضة عن جهتها ؟!
قيل لهم: من هاهنا غَلِطتُّم. إن الفرائض كلها على مثل ما أخبرناكم، تنزل الآية في الشيء بعينه حتى تُؤدَّى تلك الفريضة ( في كل زمان على مثل الخبر الذي أنزل الله في الشيء بعينه، حتى تؤدى تلك الفريضة ) على تلك الجهة وإنما عِبْنَا على من قال بخلافنا أنهم غيروا الفريضة عن جهتها، فجعلوها مرةً نصاً في رجل بعينه، ومرةً شورى، ومرةً بين ستةٍ. وإنا قلنا نحن: لا تكون إلا على هيئة واحدةٍ. ألا ترى أن صلاة الظهر نزلت في يوم من الأيام جمعةً أو سبتاً أو أحداً أو غير ذلك من الأيام مسمىً باسمٍ، ثم هي في الأيام كلها على هيئة واحدة لا تُغيَّرُ.
وكذلك قلنا في رجل بعينه في ذلك الزمان ثم في كل زمانٍ في رجل واحدٍ، ولو كانت الأسماء مختلفة والقرابة والتقى والفضل واحدٌ، فهذا قياس ما قلنا، فافهموا مغاليط أهل الخلاف. وكذلك على الناس أن يؤدوا جميع الفرائض على مثل هذا القياس. وكذلك الإمامة في أبرِّ الخلق وأتقاهم، وأن يؤدوا هذه الفريضة حيث أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فإن قالوا: فقد زعمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصه بعينه، كذلك قلنا: نحن بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن لنا صفته. فوجدنا أبا بكر في تلك الصفة، فَلِمَ عبتم علينا ؟!
قلنا لهم: لأنا ادعينا أن الله تبارك وتعالى أنزل الآية والموصوف موجودٌ. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بإقامته للناس باسمه وصفته. وقولنا: أولى من قولكم إن الناس كانوا أولى بأن يخرجوا الموصوف. وأنتم إن أبطلتم بألفاظكم هذا، فقد يدل فعالكم عليه، حيث زعمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يسمه باسمه، ولم ينصبه لهم، إنهم حيث سموه وأقاموه بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا توفيق من الله بعد النبي صلى الله عليه وآله ما لم يُبَيِّن لهم في حياته. ونحن قلنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بأن يبين الاسم والصفة؛ لأن البيان من رسول الله صلى الله عليه وآله ليس كالبيان من غيره. فمن هاهنا قلنا إن رسول الله صلى الله عليه وآله نصبه باسمه ونسبه.
فإن قالوا: إنا قد نراكم رجعتم إلى قولنا في الصفة والاسم بعد الأول أيضاً بالصفة، فما الفرق بيننا وبينكم ؟
قيل لهم: إن اسم رجل بعينه لا يكون للناس كلهم، ولكن يكون النسب والفضل واحدٌ. وأنتم زعمتم أن الاسم والنسب مخالفٌ. فهذا الفرق بيننا وبينكم في الدعوى.
فإن قالوا من أين ادعيتم أنه معدنٌ واحدٌ دون المعادن كلها ؟
قيل لهم: لأنه لو كانت معادن مختلفة لم يجز أن يكون الأمر إلا بالشورى. ولا تجوز الشورى إلا في القبائل التي تجوز لهم الإمامة. فإذا ذهبوا إلى أن يجمعوا أهل الشورى من كل قبيلة، لم يجز إلا أن يختاروا من أهل الاسلام جميعاً، وإذا كان ذلك لم يجز إلا جمعهم من الآفاق كلها جميعاً، مع أنه لا يكون ذلك إلا برضاهم جميعاً، ولو جاز اجتماعهم اختلفت هممهم أن يكون الأمر فيهم. وفي اختلاف هممهم ومشاورتهم منازعة، لأن كل قومٍ يقولون: لهم فضل الإمامة؛ لأن البنية على هذا. فإذا وقعت المنازعة وقعت الفتنة، وإذا وقعت الفتنة وقع الحرب، وإذا كان ذلك تفانوا. فإذا ما وقعوا فيه من الشر والفساد أعظم مما طلبوا من الصلاح في طلب الإمامة، ولم يكن الله تبارك وتعالى يفرض عليهم فريضةً يريد بها صلاح عباده، فتكون تلك الفريضة عليهم وبالاً وهلاكاً وفساداً. مع ما يدخل من النقص في التوحيد والرسالة، فمِن قِبَل ذلك قلنا: لا يجوز إلا أن تكون في مكانٍ معروفٍ.
فإن قال قائلٌ: إنما جعل الله الإمامة في قريش وهي معروفةٌ، فما دليلكم في الموضع الذي تدَّعون ؟
قيل لهم: لأنكم إذا ادعيتم أنها في قريش دون غيرها كانت الحجة لنا عليكم، ولقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا غيرها. فإن كان ما قلتم حقاً فنحن أولى بما ادعينا من القرابة؛ لأنهم أقرب برسول الله من موضعكم الذي ادعيتم وأبينُ فضلاً.
واعلم أنه لا يجوز أن يقوم مقام الرسول صلى الله عليه وآله مَن إذا قضى بقضية أو أحدث حدثاً مما لم يأت عن الله ولم يحكم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وراجعه فيه من هو أعلم منه بالله رجع عن حكمه واعتذر، وكان قوله: ( عَلَيَّ شيطانٌ يعتريني، فإذا رأيتم مني ذلك فاجتنبوني لا أبدر في أشعاركم وأبشاركم ) فهذا لا يصلح للإمامة، ولا يجلس في مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولا من كان إذا حكم بحكم فقيل له أصبت يا أمير المؤمنين يعلوه بالدرة، ويقول: ( لا تزكونا في وجوهنا فوالله ما أدري أصبتُ أم أخطأت، وما هو إلا رأي رأيته من نفسي ). فيخبرهم أنه لا يدري أصاب أم أخطأ، وهم يشهدون له أن ( السكينة تنطق على لسانه ). يخبرون عنه بخلاف ما يخبر عن نفسه، ويجعلون له من التوفيق ما يجعلون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وإنما يصلح للإمامة ويخلف النبي صلى الله عليه وآله في أمته، من كان إذا صعد المنبر يقول: (سلوني قبل أن تفقدوني، فعندي علم المنايا والقضايا، والحكمة والوصايا، وفصل الخطاب، والله لأنا أعلم بطرق السماء من العالم منكم بطرق الأرض، وما من آية نزلت في ليلٍ ولا نهارٍ، ولا سهلٍ ولا جبلٍ إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وفيما أنزلت، ولقد أسرَّ إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكنون علمه ألف بابٍ يفتح لي كل بابٍ منها ألف باب، نحن النجباء، وأبناء النجباء، وأنا وصي الأوصياء، وأنا من حزب الله وحزب رسوله، والفئة الباغية من حزب الشيطان والشيطان منهم، وأفراطنا أفراط الأنبياء ولا يقوم أحدٌ يسأل عن شيء إلا أخبرتُه به غير مُتريِّث) والله تعالى يقول: &* الكتاب ومجود على الشبكة
------

اشكالات حول قضية الشورى المزعومة


1- ما هو التعريف الدقيق للشورى ؟! وما مصدر هذا التعريف ؟! ومن العلماء الذين استخدموه ؟! وهل الخلاف موجود في تعريفها عند من قال بها أم لا ؟! وهل هي مختصة باختيار الحاكم ؟ أم بالحكم ؟ أم بهما ؟ أم أنها تشمل سائر مجالات الحياة سواء تعلقت بالحكم أو غيره ؟! مع الدليل الواضح على جميع ما تقدم ؟!
2- هل الدليل على الشورى عقلي أم سمعي ؟! أم أن الدليل العقل والسمع معاً ؟! نرجو توضيح الدليل بشكل مفصل ، ثم هل هو قطعي أم ظني ؟! فإن كان ظنياً فكيف جاز العمل به في مثل هذه المسائل وهلا عمل بالكثير الذي دلالته ظنية والذي يتعلق بما نحن فيه ؟!
3- هل الشورى ملزمة أم غير ملزمة ؟! فإن كانت ملزمة فما الدليل وما حكم من خالفها مع الدليل على ذلك ؟! وإن لم تكن ملزمة فما فائدتها ؟! وما حكم من لم يلتزم بالشورى أصلاً ؟!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

نشوان الحميري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 625
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة نشوان الحميري »

اشكالات حول قضية الشورى المزعومة


1- ما هو التعريف الدقيق للشورى ؟! وما مصدر هذا التعريف ؟! ومن العلماء الذين استخدموه ؟! وهل الخلاف موجود في تعريفها عند من قال بها أم لا ؟! وهل هي مختصة باختيار الحاكم ؟ أم بالحكم ؟ أم بهما ؟ أم أنها تشمل سائر مجالات الحياة سواء تعلقت بالحكم أو غيره ؟! مع الدليل الواضح على جميع ما تقدم ؟!
2- هل الدليل على الشورى عقلي أم سمعي ؟! أم أن الدليل العقل والسمع معاً ؟! نرجو توضيح الدليل بشكل مفصل ، ثم هل هو قطعي أم ظني ؟! فإن كان ظنياً فكيف جاز العمل به في مثل هذه المسائل وهلا عمل بالكثير الذي دلالته ظنية والذي يتعلق بما نحن فيه ؟!
3- هل الشورى ملزمة أم غير ملزمة ؟! فإن كانت ملزمة فما الدليل وما حكم من خالفها مع الدليل على ذلك ؟! وإن لم تكن ملزمة فما فائدتها ؟! وما حكم من لم يلتزم بالشورى أصلاً ؟!

أخي الكريم محمد الغيل موضوع مهم جدا تشكر عليه.

رغم أني لم أقرأه كاملا لطوله وكسلي :lol: إلا أني أرى أن الرد على تساؤلاتك في نهاية الموضوع قد تكون موجودة في هذا النص الوثيقة عن الإمام علي عليه السلام فتأمل..

ولك خالص التحية


ومن كتاب له عليه السلام
إلى معاوية
إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لِلَّهِ رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى. وَلَعَمْرِي، يَا مُعَاوِيَةُ، لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ، إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى (1) ; فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ! وَالسَّلاَمُ.
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85
صورة

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

مشاركة بواسطة المتوكل »

أخي / نشوان الحميري


في البداية أقول لك ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام :-
اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ لاَ عَقْلَ رِوَايَةٍ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ

ثم إن ما تفضلت بنقله عن أمير المؤمنين عليه السلام ، يقتضي إقامة الحجه على معاوية بن أبي سفيان والتي ألزم بها نفسه .

وإلا فحتى الشورى المزعومه لم تطبق حقيقة في خلافة أبي بكر أو عمر أو عثمان أصلاً !!!


ولو كنت تفرغ قليلاً من وقتك وتذهب عن نفسك الكسل وتقرأ كلام الإمام القاسم الرسي عليه السلام ، لحصلت على فائدة كبيرة تغنيك على طرح ما تعقله روايةً ولا تعقله رعايةً . :wink:

أخيراً أكرر لك ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام : ( اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ لاَ عَقْلَ رِوَايَةٍ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ ) .

وتحياتي .
صورة
صورة

نشوان الحميري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 625
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة نشوان الحميري »

المتوكل كتب:أخي / نشوان الحميري


في البداية أقول لك ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام :-
اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ لاَ عَقْلَ رِوَايَةٍ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ

ثم إن ما تفضلت بنقله عن أمير المؤمنين عليه السلام ، يقتضي إقامة الحجه على معاوية بن أبي سفيان والتي ألزم بها نفسه .

وإلا فحتى الشورى المزعومه لم تطبق حقيقة في خلافة أبي بكر أو عمر أو عثمان أصلاً !!!


ولو كنت تفرغ قليلاً من وقتك وتذهب عن نفسك الكسل وتقرأ كلام الإمام القاسم الرسي عليه السلام ، لحصلت على فائدة كبيرة تغنيك على طرح ما تعقله روايةً ولا تعقله رعايةً . :wink:

أخيراً أكرر لك ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام : ( اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ لاَ عَقْلَ رِوَايَةٍ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ ) .

وتحياتي .
:lol: :lol: :lol:
أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم :wink:

أخي المتوكل فرج الله كربك, وضعت النص فقط ولم أضع فهمي له حتى تتهمني بأني لا أعقله رعاية!!! فعجبا لهذا الإتهام أم أن مجرد ذكر النص قد أثار حفيظتكم الله يحفظكم؟؟

على كل شكرا على نصيحتكم التي سأضعها حلقة في أذني ان شاء الله :wink:

حسنا إذا أردت الحوار حول الموضوع فسأطرح عليك بعض الأسئلة حتى يكون الحوار على أساس مشترك.
أولا: هل تؤمن بصحة صدور النص السابق من الإمام؟ بغض النظر عن فهمك له.
ثانيا: هل تؤمن بالعبارة التاريخية المشهورة للأمام عند تدافع الناس عليه يطالبونه بالبيعة فقال عليه السلام : أنا لكم وزير خير من أمير.. أو كما قال؟
ثالثا: هل تؤمن بصحة صدور هذا النصوص من الإمام:
ومن كتاب له عليه السلام
إلى طلحة والزبير (مع عمران بن الحصين الخزاعي) ذكره أبوجعفر الإسكافي في كتاب ( المقامات) في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام.
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَلِمْتُما، وَإِنْ كَتَمْتُما، أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي، وَلَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي. وَإِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَبَايَعَنِي، وَإِنَّ العَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَان غَالِبٍ، وَلاَ لِعَرَضٍ (1) حَاضِرٍ، فَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي طَائِعَيْنِ، فارْجِعَا وَتُوبَا إِلَى اللهِ مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي كَارِهَيْنِ، فَقَدْ جَعَلْتُما لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ (2) بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ، وَإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ، وَلَعَمْرِي مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَالْكِتْمانِ، وَإِنَّ دَفْعَكُمَا هذَا الْأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلاَ فِيهِ، كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ، بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ. وَقَدْ زَعَمْتُما أَنِّي قَتَلْتُ عُثْمانَ، فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِىءٍ بَقَدْرِ مَا احْتَمَلَ. فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا، فَإِنَّ الْآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ الْعَارُ وَالنَّارُ،السَّلاَمُ.
ومن كلام له عليه السلام
وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزوالروم
وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لِأَهْلِ هَذا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ (1) ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَالَّذِي نَصَرَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمْتَنِعُونَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ. إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ بِشَخْصِكَ فَتُنْكَبْ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ (2) دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ. وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً، وَاحْفِزْ (3) مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ (4) وَالنَّصِيحَةِ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى، كُنْتَ رِدْأً للنَّاسِ (5) وَمَثَابَةً (6) لِلْمُسْلِمِينَ.
[ 146 ]
ومن كلام له عليه السلام
وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه
إِنَّ هذَا الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَلاَ خِذْلاَنُهُ بِكَثْرَةٍ وَلاَ بِقِلَّةٍ، وَهُوَ دِينُ اللهِ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَجُنْدُهُ الَّذِي أَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ، حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ، وَطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ، وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللهِ، وَاللهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَنَاصِرٌ جُنْدَهُ. وَمَكَانُ الْقَيِّمِ (1) بِالْأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ (2) مِنَ الْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ: فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ وَذَهَبَ، ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعُ بِحَذَافِيرِهِ (3) أَبَداً. وَالْعَرَبُ الْيَومَ وَإِنْ كَانُوا قَلِيلاً، فَهُمْ كَثِيرُونَ بَالْإِسْلاَمِ، عَزِيزُونَ بَالْإِجْتَِماعِ! فَكُنْ قُطْباً، وَاسْتَدِرِ الرَّحَا بِالْعَرَبِ، وَأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ (4) مِنْ هذِهِ الْأَرْضِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ. إِنَّ الْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا: هذا أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ، فَيْكُونُ ذلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ، وَطَمَعِهِمْ فِيكَ. فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ المُسْلِمِينَ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ، وَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ، فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيَما مَضَى بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ!

نصوص مثيرة للمشاكل صح؟؟ ما رأيك بأن نقوم بإعادة تنسيق وطبع نهج البلاغة لتخليصه من مثل هذه النصوص؟؟ :wink:

أخيرا أرجو أن لا تمارس هوايتك المفضلة بقفل أو حذف هذا الموضوع :D

تحياتي
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

بسم الله الرحمن الرحيم

أتوجة بالشكر الى سيدي الحسن المتوكل الذي أجاب على أخي في الله نشوان !

سيدي الكريم نشوان
أهم فقرة في مداخلتك أو التى لفتت نظري هذه الجملة " إلا أني أرى أن الرد على تساؤلاتك في نهاية الموضوع قد تكون موجودة في هذا النص الوثيقة عن الإمام علي عليه السلام فتأمل"
أعني عبارة " هذا النص الوثيقة "
أخي هذه بشرى تسرني كثيرا وسبب هذه البشرى أنك تعتمد على كلام الامام علي وتجعل منه حجة ذا وثاقة أو موثق أو بالصيغة الخجولة :wink: التى كتبتها أنت"الوثيقة" وفي هذا دلالة على أنك ترى أن كلامه عليه السلام حجة لك علينا وليس فيه حجة لنا!!!
ما دام الامر كذلك فاليك من كلامه عليه السلام "الوثقية" أيضا ما يفسر تلك العبارات التى نقلتها أنت وبحثت عنها أنت !!!!
وقد نصحتني أخي بالتأمل فيها وقد فعلتُ و أنا هنا انصحك أيضا بالتأمل ليس في ما سأنقل لك من كلام الامام علي عليه السلام الموثق والذي يفسر ما نقلته أنت وحسب !!!!
ولكن تأمل أيضا في قلب الموضوع أعني رسالة الامام القاسم أدرسها دراسة دقيقة وافهم حججها ورد عليها إن قدرت وأنى لك ذلك وكيف تقدر عليه وأجبني على تلك الاسئلة ولك الاجر والثواب ودع عنك الكسل فأنت تعلم أنه من خلق ابليس التى يحب هو أن تتصف بها أعذك الله منه ومن نفثه وهمزه ولمزه آمين !!
أخي شمر عن ساعد فما اشتار العسل من اختار الكسل!!!!!!!!
أخي اليك من كلام الوصي ما يقطع حجتك ويشفي غليلك ويفسر برهانك ودليلك !!
قال عليه السلام في خطبته المعروفة الموثقة الشقشقية ما نصه :

أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها فُلانٌ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً . وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ ، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ ، يَهْرَمُ فيهَا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ!
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى ، فَصَبَرتُ وَفي الْعَيْنِ قَذًى، وَفي الحَلْقِ شَجاً ، أَرَى تُرَاثي نَهْباً، حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلانٍ بَعْدَهُ. ثم تمثل بقول الاعشى:
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا ....... وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَا عَجَباً!! بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُها فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لَآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ـ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا ! ـ فَصَيَّرَهَا في حَوْزَةٍ خَشْنَاءََ، يَغْلُظُ كَلْمُهَا ، وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ العِثَارُ فِيهَا وَالْاِعْتَذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ ، إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ ، وَإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ ، فَمُنِيَ النَّاسُ ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ بِخَبْطٍ وَشِمَاسٍ ، وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ، وَشِدَّةِ الِْمحْنَةِ، حَتَّى إِذا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ, فَيَا لَلََّهِ وَلِلشُّورَى !! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ ! لكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا، فَصَغَا رَجُلُ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ ، وَمَالَ الْآخَرُ لِصِهْرهِ، مَعَ هَنٍ وَهَنٍ . إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ القَوْمِ، نَافِجَاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ ، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللهِ خَضْمَ الْإِبِل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ ، إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ ، وَكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ .
فَمَا رَاعَنِي إِلاَّ وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ, يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الْحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ ، مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الغَنَمِ . فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ ، وَمَرَقَتْ أُخْرَى ، وَقَسَطَ آخَرُونَ :كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوّاً في الْأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، بَلَى! وَاللهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتَ الدُّنْيَا في أَعْيُنِهمْ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا ! أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ، وَلا سَغَبِ مَظْلُومٍ، لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا ، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ ! قالوا: وقام إِليه رجل من أَهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتاباً [قيل: إِن فيه مسائل كان يريد الإِجابة عنها] , فأَقبل ينظر فيه، [فلمّا فرغ من قراءته] قال له ابن عباس: يا أميرالمؤمنين، لو اطَّرَدَتْ خُطْبَطُكَ من حيث أَفضيتَ ! فَقَالَ: هَيْهَاتَ يَابْنَ عَبَّاسٍ! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ ! قال ابن عباس: فوالله ما أَسفت على كلام قطّ كأَسفي على هذه الكلام أَلاَّ يكون أَميرالمؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد
أهــــ

والسلام

--------------

الاخ نشوان وأنا اضع مشاركتي هذه رأيتك قد وضعت ردا على الحسن لي عودة بعد أن ارى رد أخي الحسن عليك !!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

مشاركة بواسطة المتوكل »

لحظه لحظه لحظه ...!!!

قبل أي حوار أو كلام بيننا
أريد أن أعرف هل نشوان الحميري يرغب بالتغرير على الآخرين بقوله :-
أخيرا أرجو أن لا تمارس هوايتك المفضلة بقفل أو حذف هذا الموضوع :D
!!!!!
فما القصد من هذا الكلام ؟؟!!
أذكر مقصودك منه قبل كل شيئ ؟
صورة
صورة

نشوان الحميري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 625
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة نشوان الحميري »

المتوكل كتب:لحظه لحظه لحظه ...!!!

قبل أي حوار أو كلام بيننا
أريد أن أعرف هل نشوان الحميري يرغب بالتغرير على الآخرين بقوله :-
أخيرا أرجو أن لا تمارس هوايتك المفضلة بقفل أو حذف هذا الموضوع :D


!!!!!
فما القصد من هذا الكلام ؟؟!!
أذكر مقصودك منه قبل كل شيئ ؟


:lol: :lol: :lol:

http://www.al-majalis.com/forum/viewtop ... 5&start=15

http://www.al-majalis.com/forum/viewtop ... 9&start=30

الأخ المتوكل أرجو أن لا تتخذ هذا حجة للخروج من صلب الموضوع :lol:

أخي الكريم محمد الغيل أرجو الرد على تساؤلاتي التي وضعتها للأخ المتوكل حول النصوص السابقة وسأعود لما ذكرت فيما بعد ان شاء الله... حتى لا يكون الحوار مجرد تبادل نصوص..

وللجميع تحياتي
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85
صورة

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

مشاركة بواسطة المتوكل »

نشوان الحميري


إن المواضيع التي تم إقفالها أقفلت لمخالفتها شروط الكتابة في مجالس آل محمد، وقد نبهنا على ذلك مراراً وبأن المجالس لن تتوانى في حذف أو إغلاق أي موضوع يتجاوز هذه الشروط.
ولكن للأسف أن بعض من لا يتحلى بخلق آل محمد لعزوفه عن آدابهم ومنهجهم وعلومهم يقع في مثل هذه المخالفات بل يظنها مدعاة للفخر أو الترفع والتعالي أو يتخذاها مرقاة إلى الآخرين أمثاله ممن يوافقوا هواه فالله حسبه وولاه ما تولى.

وأما بالنسبة للموضوعين الذين أشرت إليهما:
فالموضوع الأول الذي كتبته أنت بعنوان ( إمرأة تعتقد أنها أولى النبيات !! ما ردكم ؟؟ )
قد ذكرت سبب إقفالها ، وهو الترهات الشخصية بينك وبين المشترك ( محمد الجواد )
فقد قلت عند إقفال الموضوع :-
تم إغلاق الموضوع
لخروج الحوار عن هدف عنوان الموضوع المطروح إلى مسائل شخصية

أما بخصوص الموضوع الثاني ، فلا أدري ماهو دليلك على أني أنا الذي أقفل الموضوع !!
ومع ذلك أقول : نعم أنا من أقفل الموضوع
لأنه تعدى نقد النصوص الأدبية إلى نقد شخص كاتبة القصة

وبالتالي فاعلم وتيقن أننا لا نقوم بحذف أي حوار أو نقاش علمي مالم تبدأ فيه المشاحنات الشخصية ، أو ما يخالف شروط المشاركة في هذه المجالس المباركة.
فكم من حوارات ونقاشات مازالت كما هي دون حذف أو إقفال كما تدعي !!!

أخيراً أقول لك : إخجل من نفسك قليلاً قبل أن تغرر على الآخرين !!
وإذا كنت ممن يحب الخوض في تناول أشخاص المشاركين والأفراد فمجالس آل محمد ليست المنتدى المناسب لمثل هذا وقد تجد في الشبكة الكثير من المنتديات التي قد تتوافق وهواك.

هذا فقط ما أردت تبينه وتنبيهك عليه ، ولا تذهب بك الظنون إلى أنه هروب من الموضوع حسب دعواك ، ولكن جملتك هي ما دعتني لكتابة ذلك .
آخر تعديل بواسطة المتوكل في الأربعاء سبتمبر 07, 2005 4:27 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، ورضوانه على الصّحابَة الرّاشدين والتابعينَ لهُن بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدّين .

وبعد :

الشّورى في الإمامَة تَشريعٌ أصيلٌ في الدّين الإسلامي الحَنيف ، يَجتمعُ فيها رجالات الحلّ والعقد ، إذا توافرت فيهِم ما يحتاجُ إليه المُجتهد من أدوات ، نَختصرُها في الرّسوخ في العِلم أصولاً وفروعاً . ولكن ! في مَنْ تكون الشّورى ؟ أفي الأمة جمعا ، عربيّهم وعجميّهم ؟ أم في قريشٍ فقط ؟ أم في بني فاطمَة فقط ؟ . سأشيرُ هُنا إلى رأي الزيدية في هذا باختصارٍ غير مُخلٍّ ، وبترتيبٍ غير تام ( عَسى أن نقوم بترتيب مادّته في وقتٍ أفضل ) ، بإذن الله ، فأقول ، مُعلّقاً على كلام أساطين عُلماء أهل البيت (ع ) :

كتبَ الإمام علي (ع) إلى معاوية ، كتاباً جاء فيه :
إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لِلَّهِ رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى. وَلَعَمْرِي، يَا مُعَاوِيَةُ، لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ، إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى (1) ; فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ! وَالسَّلاَمُ.
قال الإمام مجدالدين بن محمد المؤيدي (ع) ، في كتابه مجمع الفوائد ص76 ، مبحث مناقشة تتمة الروض للعباس بن أحمد ، ما نصّه :

(( وأمّا قول أمير المؤمنين عليه السلام: (( إنه قد بايعني القوم.. الخ )). فإنما هو احتجاج على معاوية وإلزام للخصم بما يلتزمه وقوله: (( وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار إلى آخره )) صحيح (( أنهم متى أجمعوا.. الخ )) ، ولم يقل أنهم اجتمعوا على إمامة أبي بكر وعمر وكيف يقول ذلك أو يقصده وهو أول المخالفين، وإنما كلامه عليه السلام على الأسلوب الحكيم في استدراج الخصم وإلزامه بما يلتزمه وما يعقلها إلا العالمون، )) .

فوائد وتعليقات حولَ الإمامَة والشورى :

أ - كلام الإمام علي (ع) السابق ، يجب أن يُتدبّر ، ويُحاط بمغزاه من جميع الجهات ، وألاّ يُعتمَد على قولٍ لهُ لهُ شقّين اثنين ، باستحضار الشّق الأول دونَ الثاني ( نختصره في الإلمام بجميع كلام الإمام ، وربطه ببعضه البَعض ) .

توضيح :

لو تأمّلتَ الرسالة السابقَة ( تأمّلاً سطحيّا ) تجد الإمام (ع) يُصرّح أنّ الإمامة قد تكون في الأنصار أو المهاجرين ( والمعلوم أن في هؤلاء مَن لا ينتسب إلى قريش ) ، وقد صحّ عن أمير المؤمنين إثبات الإمامة في قريش خاصّة ، ( سيأتي تفصيله ) .

ومنه ، فإنّ الحكم على الإمام من نصٍّ واحد ، لا يصح ، وبه قَد يحصُل التغرير .

ب -[[ الإمام علي (ع) يُثبتُ الإمامَة في قُريش ، ويخصّ بني هاشم بها ]]

قال الإمام (ع) في خ 143 ، من النهج :

(( إنّ الأئمة من قريش ( تأمّل) ، غُرسُوا في هَذا البَطن من هاشم ، لا تَصلُحُ على سواهُم ، ولا تَصلُحُ الوُلاةُ من غيرهِم )) .

تعليق : تأمّل الإمام (ع) ، يُثبت الإمامة في بني هاشم ، ويُشيرُ أنّها لا تَصلُح على سواهُم ، وأنّ الولاة منهُم ، ومعَ ذلك قد يحصلُ من اللبس هُنا مثلَ ما حصلَ في رسالته إلى معاوية ، فهُناك ظُنَّ أن الإمامة عامّة في المهاجرين والأنصار ( القرشي وغيره ) ، وهُنا قَد يُظنّ أنها عامّة في بني هاشم ( الفاطمي وغيره ) .

ت - [[ الإمام علي (ع) يُشيرُ إلى أنّ الإمامة في أهل البيت (ع) ]] .

قال الإمام (ع) في خ 62 ، من النهج :

(( ولا يَخطُر ببالي أنَّ العَرب ، تُزعجُ هذا الأمر من بعده - ص - عَن أهلِ بيته ))

تعليق : لا خلاف في أنّ أهل البيت (ع) ، هُم بنو فاطمة (ع) .

ث - [[ الإمام أبي الحسين زيد بن علي ، يُقيّد الشورى بالكتاب والسنّة ، ويعمّم الشورى ]]

قال الإمام زيد بن علي (ع) في كتابه تثبيت الإمامَة ، ص 188 من المجموع :

(( فاجتمعَ الفريقان ، على أنْ ليسَ للأ مّة أن يَتبرّعوا بولايَة رَجُلٍ يَختارونهُ ويَجعلونهُ عليهِم والياً ، يَحكُم بينهُم ، دونَ أن يَنظُروا في كتاب الله عز وجل والسنّة ، فإن وَجدوا الكتاب والسنة يَدلاّن على رَجُلٍ باسمه وفضله وَلّوه عليهِم ، وإن لَم يَجدوا الكتاب والسنّة يدلاّن على تولية رجلٍ باسمه وفضله كانَـت لهم الشورى بعدَ ذلك ، بمَا وافقَ الكتاب والسنّة ، فلمّا أجمع - الفريقان - على ذلك قَبِلنَا منهُم ))

تعليق : انظر الإمام زيد (ع) في هذا المقال ، لا يَخص فيه قرشيّا ولا هاشميّا ، بل يحث على اتبّاع الكتاب والسنة في تولية الإمام ( راجع مناقشة الإمامة لأدلة الكتاب والسنة في نفس الكتاب ) ، نعم ! بل إنّ القارئ من النّص السابق قَد يتوهّم أنّ الإمام يَرى أنّ الشورى في عموم النّاس " عند عدم الوقوف ( أو عدم صحّة الدليل ) على رأي الكتاب والسنّة في رجالٍ معينين " .

ج- [[ الإمام أبي الحسين زيد بن علي ، يَنتقل من التعميم ، إلى تخصيص قريش بالإمامَة ]]

قال الإمام زيد (ع) في كتابه ثبيت الإمامة ، ص 197 من المجموع :

(( ثمّ سألنَا الأمّة : أيّ الأمّة أولَى بالإمامَة ؟
فاجتمَعَت الأمّة على أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسّلم قال : (( الأئمّة من قريش )) . )) .

تعليق : وهُنا ( وبعدَ العرض على الكتاب ، والسنة بالتحديد ) ، نجد الإمام يخصّ قريشاً بالإمامَة دونَ غيرهِم .

ح - [[ الإمام أبي الحسين زيد بن علي ، يَنتقل من التخصيص القرشي، إلى تخصيص بني فاطمة بالإمامَة ]]

[[ الشورى على لسان زيد بن علي (ع) ، لا تَصلُح إلا في بني فاطمة ]]

1- جاء في المجموع ، ص394 ، أنَّ الإمام الحسن بن بدر الدين (ع) ، رَوى في أنوار اليقين عن عبدالرحيم البارقي عن الإمام زيد بن علي (ع) ، أنّه قال :

(( الإمامَة والشّورى لا تَصلُحُ إلاّ فينَا )) .

* وأشارَ صاحب الأنوار ، إلى رواية الحاكم الجشمي ( المعتزلي ثمّ الزيدي ) لهذا الأثر ، في كتابه " السفينة " .

* وقريبٌ من ذلك ، يروي الشريف العلوي الحسني الكوفي ، في كتابه الجامع ج6 ، أنّ الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) قال :

(( ثم بيَّنَ الله لنَا أنَّ الإمَامَةَ فِي أهلِ بَيتِ الصّفَوة والطّهَارَة مِن ذُريّة إبرَاهيم ، ... ، فَلا تَصلُحُ الإمَامَةُ إلاَّ فِي أهلِ بَيتِ الصّفوَة والطّهَارَة مِن ذُريّة إبرَاهيم، وذُريّة مُحمّد . ))

[[ أبناء فاطمة (ع) ، قادَة النّاس إلى يوم القيامَة ]]

2- قال الإمام زيد بن علي (ع) في كتابه تثيت الوصيّة ، ص211 من المجموع :

(( فعَرَفنا أنّ الفضلَ والخيرَة لأهلِ هذا البيت ، الذي فضّلُهُ على جميع البيوت ، ... ، فَينبغي أن يكونوا قادَة الناس إلى يوم القيامَة )) .

[[ الإمامَة في صالحي أهل البيت ، دونَ الظالمين ]] .

3- قال الإمام زيد (ع) ضمنَ جواباته وفتاواه حول آي القرآن الكريم ، ص342 من المجموع :

(( والعَهد هُو الميثاق ، ومنهُ قول الله تبارك وتعالى لإبراهيم - عليه السلام - : { إنّي جاعلُكَ للنّاس إماماً قالَ ومِن ذريّتي قالَ لا يَنالُ عَهدي الظالمين } ، أي لا ينالُ ما وَعَدتُكَ من الإمامَة الظالمينَ مِن ذريّتك ، والوَعدُ من الله تباركَ وتعالى مِيثاق )) .


[[ المُلكُ ورعاية العِباد " الإمامَة " في أهل البيت ، دونَ غيرهِم ]] .

4- قال الإمام زيد (ع) ضمنَ جواباته وفتاواه على بكر بن حارثة ، ص369 من المجموع :

(( فَنحنُ الذين ملَّكَنا الله تعالى المُلكَ وآتاناه ، واستَرعَانا رِعايَة عبادِه ، وذلكَ حين يقول سبحانه : { أمْ يَحسدونَ النّاس على ما آتاهُم الله مِن فَضلِه ، فقَد آتينا آل إبراهيم الكِتاب والحِكمَة ، وآتيناهُم مُلكاً عظيماً } ، } ، ونحنُ الذين أعزَّ الله تعالى ، وعَدوّنَا مَن أذلّ الله تعالى ، وإن كانَ عَدوّنا غالباً بسلطان الجور ، فالله بريءٌ منه وممّن زعمَ أنَّ أمرَهُ من الله تعالى )) .

[[ آل محمد ، أولَى النّاس بأمر الإمامَة ]] .

5- قال زيد (ع) في كتابه تثبيت الوصيّة ، ص217 من المجموع :

(( فإن قالوا : فمَن أولَى النّاس بعدَ الحُسين ؟
فقولوا : آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، أولادُهُما ، أفضلُهم ، أعلمُهُم بالدّين ، الدّاعي إلى كتاب الله ، الشّاهر سيفه في سبيل الله ))

** نعم ! ومِن هذا كلّه يتّضح لنا ولك أخي ( البَاحث ) ، رأيَ علمَين من أعلام أهل البيت (ع) في مسألَة الشّورى والإمامَة ، وفيمَن تكون ؟ ، الأول كبيرهُم بعد رسول الله (ص) ، وأمير المؤمنين بلا مُنازع ، علي بن أبي طالب ، والثاني فاتح باب الجهاد بعد جدّه أبي الأحر الحسين السبط (ع) ، حليفُ القرآن والاستقامَة القائل ، ( بما معناه ) : " أنّه قَد عَلِم علمَ أبيه علي بن الحسين ، وعلمَ جدّه الحسين بن علي " ، ذاكَ زيد بن علي (ع) ، وعلى هذا جماعَة أهل البيت (ع) . وأهل الدّار أدرَى بالذي فيه .

=======

[[ الشورى والإجماع في بيعة أبي بكر ، حالُه ، والبيعَة ، وصحّتهَا ]]

1- رأي الإمام زيد بن علي (ع) ، في الشورى والإجماع ، في خلافة أبو بكر بن أبي قحافة :

- قال الإمام زيد (ع) ضمنَ جواباته وفتاواه على واصل بن عطاء في الإمامَة ، ص365 من المجموع :

(( فحاجّ أبو بكر الأنصَار بحُجَج عامة لسائر قُريش ، ثمّ اختصّ بها دُونهُم من غيرِ مُشاورَةٍ منهُم ، ولا أخذِ إقرارهِم أنّهُ أولاهُم بهَا )) .

2- رأي إمام أهل البيت (ع) ، الإمام مجدالدين بن محمد المؤيدي (ع) ، في الإجماع ، وصحة البيعَة لأبي بكر ، مع تخلّف أمير المؤمنين (ع) عنهَا :

- قال الإمام مجدالدين (ع) في كتابه مجمع الفوائد ، ص76 ، ضمن تعليقاته على تتمة الروض للعباس بن أحمد ، بعد أن وجدَهُ يقول : (( والمُراد اجتماع أهل الحل والعقد منَ المُهاجرينَ والأنصار ، وإلاّ لمَا تمّت بيعة أبو بكر ، مع تأخّر علي عليه السلام )) اهـ كلام العباس بن أحمد . فعلّق عليه السيد المؤيدي ، قائلاً :

(( قلت: ياسبحانَ الله!! ومِن أينَ تمّت بَيعَة أبي بكر ومَاهُو الدّليل عَلى ذلك ؟! بأيّ كِتابٍ أمْ بَأيّةِ سُنّة ؟! ، كَيفَ تَتمّ بَيعَةٌ تَخَلّفَ عَنهَا مَن هُوَ مَعَ الحق والقرآن ، والحقّ والقُرآن مَعَه ؟! ، مَن هُوَ مَولَى المؤمنينَ بِنَصّ رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَومَ الغَدير ، وَوَلِيّهُم بِآيَة المَائدَة ، مَن هُوَ مِنْ مُحمّد بِمَنزِلَة هَارونَ مِن مُوسى عَليهم الصّلاة والسّلام ، مَن لاتُحصَى فَضائلُه ولاتُحصَرُ مَنَاقِبُه ، ولَو لَم يَكُنْ نَصٌّ لَقَدَّمَهُ الفَضْل ، وتَخلّفَ مَعَهُ أيضاً الحَسَنان سِبطَا رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ورَيحَانَتاه وسيّدا شبابِ أهلِ الجنة ، وعَمّ رسول الله (ص) .. العَبّاس ، وأولادُه ، منهُم حَبرُ الأمّة وتُرجمَان القُرآن عَبدالله بن العباس وجَمِيع بَني هاشم، هَذا بإجمَاع الأمّة ورواية أهل الصّحاح منهُم البخاري، وَتخلّفَ مَعَهُم أيضاً سَادات السّابقين منَ المهاجرين والأنصَار منهُم عمّار بن ياسر المَشهود له بالجنّة ، وسَلمَانُ الفَارسيّ الذَي هُوَ مِن أهلِ البَيت ، وأبو ذَر ، والمِقدَاد المَشهُود لهُم باشتيَاق الجنّة إليهِم ، والزّبير بن العوام ، وسَعد بن عبادة ، وولَده ومَن مَعهُم مِن الأنصار.

وَكيفَ تَصحّ البَيعَة وقَد أجمَعَ أهلُ بيتِ النبوّة أوَلُهُم وآخِرُهُم وسَابِقُهُم ولاحِقُهُم عَلى عَدَمِ صِحّتِهَا وإنّما اخْتَلفُوا فِي التّأويل لِلمَشَايخ الثّلاثَة ، أمّا أنّهَا صَحّت البَيعَة وتَمّت الإمِامَة فَلَم يَقُل بِذلِك أحَد منهُم ، وعَلى قَود قولِ المُؤلف - للتتمّة -: (( إنّها تَمّت البَيعَة )). فَكانَ يَجوزُ قِتالُ المُتخلّفين المَذكورين وعَلى رأسهِم أميرُ المؤمنين ، وأخو رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهلِ بيتِه وسَادات المُهاجرين والأنصَار الذين تَخلّفوا، سُبحانَك اللّهم هذا بُهتان عَظيم، وكَيفَ وعُمر نَفسُه وهُو رأسُ العَاقِدينَ لِتلكَ البَيعَة يَقول عَلى المِنبَر: " كَانَت بَيعَة أبي بَكر فَلتَة.. الخ ". برواية البخاري وغَيرِه. ويَقول أيضاً: " فَمَن عَادَ إلى مِثلهَا فَاقتلُوه .. " )) اهـ من مجمع الفوائد ، للسيد مجدالدين .


** إلى هُنا - اختصاراً - ، أتوقّف عن نقل ما وقع بين يديّ من أقوال أعلام الزيدية الكرام ، حولَ مَسألة الشّورى والإجماع والإمامَة ، إضافةً إلى أقوال القاسم الرسي (ع) ، المُدرجَة في أصل بَحث الأستاذ محمد الغيل حفظه الله ، ففيها فائدَة جمّة ، وأشيرُ إلى ضرورة استحضار أقوال الإمام علي (ع) جميعها ومقارنتها ببعضها الَبعض حتّى يحصل اليقين ، لا اقتباس نصّ واحِد ، ومن ثمّ يُبنى عليه النتائج والتعليقات ( فلعلّ في هَذا من الوَهم والتخليط الشيء الكثير ) .

وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد ، وآله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

مُشاركَة ، حول إشكالات الأخ الكريم نشوان الحميري .... المُقتبسَة من النّهج ،،،

* ملاحظة / هُنا إشارت مُختصرة جداً ، للتفصيل والتوضيح أكثر ، انظر المُشاركَة التي بعدهَا .

نشوان الحميري كتب :
ومن كتاب له عليه السلام
إلى طلحة والزبير (مع عمران بن الحصين الخزاعي) ذكره أبوجعفر الإسكافي في كتاب ( المقامات) في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام.
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَلِمْتُما، وَإِنْ كَتَمْتُما، أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي، وَلَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي. وَإِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَبَايَعَنِي، وَإِنَّ العَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَان غَالِبٍ، وَلاَ لِعَرَضٍ (1) حَاضِرٍ، فَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي طَائِعَيْنِ، فارْجِعَا وَتُوبَا إِلَى اللهِ مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي كَارِهَيْنِ، فَقَدْ جَعَلْتُما لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ (2) بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ، وَإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ، وَلَعَمْرِي مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَالْكِتْمانِ، وَإِنَّ دَفْعَكُمَا هذَا الْأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلاَ فِيهِ، كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ، بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ. وَقَدْ زَعَمْتُما أَنِّي قَتَلْتُ عُثْمانَ، فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِىءٍ بَقَدْرِ مَا احْتَمَلَ. فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا، فَإِنَّ الْآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ الْعَارُ وَالنَّارُ،السَّلاَمُ.
تعليق : لعلّ الإشكال هُنا في قول الإمام (ع) : (( أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي، وَلَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي )) ، والشّبهَة من صاحبهَا غير واضحَة هُنا ، ولكنّا نقول في هذا الكلام : أنّ الإمام (ع) خاطَبَ طلحَة والزبير لمّا اتهماه بقتل عثمان ، بمَا يُحاولُ أن يُبرّئَ به نفسَه عندمَا اجتمع النّاس على عثمان فقتلوه ، بأنّهُ (ع) لَم يُرِد النّاس حتّى أرادوه بمحضِ إرادَتهِم ، ولَم يُبايعهُم حتّى بايعُوه راضينَ غير مُكرهين ، وفيه إشارة إلى تبرئة ساحته من التحريض أو إرادَة القَتل لعثمان بن عفّان ، أو إرادَة استجلاب النّاس لبيعَته من خلال التحريض على عثمان .

======

نشوان الحميري كتب :
ومن كلام له عليه السلام
وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزوالروم
وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لِأَهْلِ هَذا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ (1) ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَالَّذِي نَصَرَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمْتَنِعُونَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ. إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ بِشَخْصِكَ فَتُنْكَبْ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ (2) دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ. وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً، وَاحْفِزْ (3) مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ (4) وَالنَّصِيحَةِ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى، كُنْتَ رِدْأً للنَّاسِ (5) وَمَثَابَةً (6) لِلْمُسْلِمِينَ.
تعليق : لعلّ الإشكال هُنا في قول الإمام (ع) : (( وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، ... ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى، كُنْتَ رِدْأً للنَّاسِ (5) وَمَثَابَةً (6) لِلْمُسْلِمِينَ )) ، فإن كانَ هذا هُوَ الإشكال ، فنقول : لعلّ البعض سيتوهّم أنّ في هذا اعترافٌ من الإمام (ع) بعدم مرجعيّته وأجدريّته وأفضليّته ، وأنّ فيه أيضاً ، اعترافٌ بهذا كلّه في حقّ عمر بن الخطاب وتَميّزه به - أعني العلم والفضل - دونَهُ (ع) ، والحاصل من كلام أمير المؤمنين لا يتحمّل مثل هذا التأويل ، ولكنّا وَجدناه وكانّه يقول : مِن باب المَشورَة وإسداء النّصح لمَن طَلبَه ، وقَد طَلبتَهُ منّي يابن الخطّاب ، حينَ أردتَ الخروج بنفسِكَ إلى بلاد الرّوم ، ومَشورَتي لك : أنَّكَ متَى سِرتَ إلى الرّوم بنفسِك ، وأنتَ اليوم خليفَة المُسلمين ، والوُلاة والنّاس لأوامرُك يَنقادون ، وأنتَ المَنظورُ عندَهُم ، وهُزمتَ في ذلك الخروج ، فإنّه لا يكون للنظام الإسلامي أيّ عاصِمَة ، إذا انهارَ رئيسُها ، فللفَوضى مجالٌ رَحب ، ولكن ابعَث رجالاً أكفّاء ، فإذن ظَفروا فذاك خير ، وإن هُزِموا ، بقيَت أمور المُسلمين في زمام قائدهِم . هذا ولو تأمّلتَ خ 146 لوجدتهُ (ع) يُشبّه الرئيسَ بالنظام " السّلك " ، والرعيّة بالخرز ، فمتَى ذهبَ السّلك أو انقَطَع ، تناثَرَ الخَرَز ، وذلكَ في كلامٍ وجّهَهُ إلى عمر بن الخطاب نفسه ، عندمَا طَلَب مَشورِته في قتال الفُرس بنفسِه ، وقَد أوردتُها أخي في الله نشوان في النقطة التاليه ، فتأمّلها . ومنهُ : نَستبعدُ ما قَد يُذهبُ إليه ، ممّا قَد أشرنا إليه سابقاً .

======

نشوان الحميري كتب :
ومن كلام له عليه السلام
وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه
إِنَّ هذَا الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَلاَ خِذْلاَنُهُ بِكَثْرَةٍ وَلاَ بِقِلَّةٍ، وَهُوَ دِينُ اللهِ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَجُنْدُهُ الَّذِي أَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ، حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ، وَطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ، وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللهِ، وَاللهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَنَاصِرٌ جُنْدَهُ. وَمَكَانُ الْقَيِّمِ (1) بِالْأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ (2) مِنَ الْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ: فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ وَذَهَبَ، ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعُ بِحَذَافِيرِهِ (3) أَبَداً. وَالْعَرَبُ الْيَومَ وَإِنْ كَانُوا قَلِيلاً، فَهُمْ كَثِيرُونَ بَالْإِسْلاَمِ، عَزِيزُونَ بَالْإِجْتَِماعِ! فَكُنْ قُطْباً، وَاسْتَدِرِ الرَّحَا بِالْعَرَبِ، وَأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ (4) مِنْ هذِهِ الْأَرْضِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ. إِنَّ الْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا: هذا أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ، فَيْكُونُ ذلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ، وَطَمَعِهِمْ فِيكَ. فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ المُسْلِمِينَ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ، وَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ، فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيَما مَضَى بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ!
تعليق : لعلّ الإشكالَ هُنا في قول الإمام (ع) : (( إِنَّ الْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا: هذا أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ، فَيْكُونُ ذلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ، وَطَمَعِهِمْ فِيكَ. )) ، فإن كانَ هُو ، سنقول في مَشورَة الفُرس كمَا قٌلنا في مَشورة الروم ، ولسان حال الإمام (ع) هُنا وكأنّه يقول : أنّ الفُرس إذا عَرَفوا أنّ أكبرَ رَجُلٍ في النظام الإسلامي حاضرٌ معهُم المعركَة ، فعندَهَا سَيُبلُونَ بلاءً أكثرَ ممّا كانُوا سَيُبلُونَهُ لو كانَ غائباً ، لِعلمِهِم أنّه بوجود عُمر الرّجل السياسي الأول - حينها - ( بحكمِ نظرَتهِم له كخليفة للمسلمين ) ، ستكونُ هذه المَعركَة هيَ مَعركَةٌ فاصلة ، ولكن عندَ عدم وجوده قَد لا تكون المعركة فاصلَة ، بَل قَد يَعقُبها معاركُ أخرى . وهذا أكثر ما قد يُقال في هذا الاقتباس .

======

نشوان الحميري كتب :
ثانيا: هل تؤمن بالعبارة التاريخية المشهورة للأمام عند تدافع الناس عليه يطالبونه بالبيعة فقال عليه السلام : أنا لكم وزير خير من أمير.. أو كما قال؟
تعليق : تجد إن شاء الله عَن هذا جواباً ، في مشاركتنا التالية ، فتأمّلها .

تحياتي لكم سيدي الكريم .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

شُبهَة :

ثبَت عن أمير المؤمنين (ع) عبارت تُفيد عدم الرّغبة منه في الخلافة ، أليسَ في هذا ما يَتعارَض مع النّص على خلافته (ع) ، أليسَ لَنا أن نَقول أنَّ الإمام علي (ع) لَم يَكُن راغباً في الخلافَة من أصله ، وبه تَسقُط دَعاوى عَدم رضاه على خلافَة المشائخ ، ونهجُ البلاغَة شاهدٌ على عَدم رغبَته فيها ، وعلى صحّة كلامنا .

الجواب :

يُجاب على صاحب الشّبهَة ، بعدَ التسلسل معهُ في أمورٍ نَرجُو أن يَكونَ مُنصفاً معَنا فيها قدرَ الإمكان ، وأن نُحكّم نحنُ وإياهُ قناعاتنا على قناعَات الرّجال ، وهُوَ لَنَا عليهِ شَرطٌ ، وعلينا التّمام ، فنقول :

الأمر الأول :

يُقالُ لصاحب الشّبهة ، أليسَ قَد ثبَتَ أنّ رسول الله (ص) قال : (( مَن كُنتُ مولاه فعليٌّ مولاه )) ، و (( عليٌّ منّي بمنزلَة هارونَ من موسَى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بَعدي )) ، وقبلَهُ قول الله تعالى : (( إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذينَ يُقيمون الصلاة ويُؤتونَ الزّكاة وهُم راكعون )) ، وقد ثبتَ بالإجماع أنّه لَم يتصدّق حال الرّكوع إلاّ علي بن أبي طالب (ع) ، واختَلفوا بعدَها فيمَن نزلَت الآيَة ( وعلى إنصافِكَ وفِطرَتك أن تَعمَل هُنا ) ، وهُنا لَن أُطيل في سَرد الأحاديث التي نحتجّ بها مَعشر الزيدية على إثبات إمامة علي (ع) ، ولكنّي أنشدك الله أخي الباحث ، لَو كانَ الرّسول (ص) قال : (( مَن كُنتُ مولاه فأبو بكرمولاه )) و (( أبو بكر منّي بمنزلَة هارونَ من موسَى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بَعدي )) ، وأنَّ أبو بكر هُوَ المُتصدّق بالخاتَم ، ونَزلَت الآية بعدَها ، ... إلخ . أنشدك الله ، كيفَ ترى مدلوليّة هذه النّصوص الآن ( ألا تَرى أنّها لائقةٌ بأن يكونَ نَعناها إثبات الإمامَة لأبي بكر !! ) ، لَكَ أن تُناقشَ نفسَك بهدوء ، وسأواصلُ مُفترضاً تسليمَك بمدلويّتها على الإمامَة .

الأمر الثاني :

يُقال لصاحب الشّبهة ، أليسَ قد احتججتُم علينَا بنهج البلاغَة ( مِن عدم رغبة الإمام في الخلافَة ) ، وهُنا أطلُبُ منكَ أن تَبحَث في النّهج هَل تراهُ عبّر بمثلِ هذا التعبير في عهد الخليفَة الأول أو الثاني أو حتّى أثناء الشّورى ؟! ( أنا أقولُ لا ، وإنّما برزَ هذا التعبير بعدجَ مقتَلِ عثمان ، ومنهُ عَثرتُ على موضعَين موجّهين إلى طلحة والزبير خاصّة ، وذلكَ لمّا اتهموه بَقتل عثمان - بنصّ النهج - ، والأخرى لعدَم المشاورَة ، والموضعُ الثّالث كانَ الخطابُ فيه عامّا ، وكأنّه يُخاطب العامّة من المتهمينَ له بقتل عثمان ، وسأنقُلها فيما بَعد ) ، وأنتَ عليكَ البحث عَن غيرِها . وسأوضّح عباراتي السّابقَة ، مُركّزاً على رَغبة الإمام في الخلافَة حينَ تولاّها أبو بكر ، وحين تولاّها عمر ، ويومَ الشّورى حينَ تولاّها عثمان ، ثمّ سأتكلّم عَن إشارات الإمام الخفيّة! عَن عَدم رغبته في الخلافَة بعدَ مقتل عثمان .

[[ رَغبَة الإمام علي (ع) في الخلافَة ، وطَلبهُ إياها ، في عهدِ أبو بكر وعمر ، وعند الشّورى ]]

هُنا نَتكلَّم عَن رَغبَة الإمام علي (ع) في إمامَةٍ أوصَى لهُ بها رسول الله (ص) :

1- معاوية بن أبي سفيان ، كانَ يصفُ الإمام علي (ع) بالحَسَد للخلفاء الثلاثة ، وأنّهُ لَم يَكن يُبايع لهُم إلاّ مُساقاً كالجمل المخشوش ، وفي هذا دلالةٌ على كراهيَة الإمام لإمامَة هؤلاء المشائخ من دونهِ ، وانقيادهِ لهُم مَظلوماً لا غضاضة فيه مع وجود اليقين في الدّين ، ومنهُ يجب أن تسنتجَ من هذا الفعل منه (ع) ، أنّ كان يَرى أنّه الأولى بالإمامَة والخلافَة منهم ، فجاء في خ 28 من النهج ، على لسان الإمام (ع) ، مُخاطباً ابنَ هند معاوية بن أبي سفيان :

(( وزَعمتَ أنّي لكلّ الخُلفاء حسَدت ، وعلى كلّهم بَغيت ، فإن يَكُن ذلكَ كَذلك فليسَت الجنايَة عليك ، ... ، وقُلتَ : إنّي كُنت أُقاد كمَا يُقاد الجمل المخشوش حتّى أُبايع ، .. ، ومَا على المُسلم من غضاضة في أن يكونَ مَظلوماً ما لَم يَكُن شاكّاً في دينِه ، ولا مُرتاباً بيقينه )) .

2- وهُنا الإمام يَستعدي الله على قُريش أخذهم أمراً هُوَ له ، قَطعوا رَحِمه ، وأكفأوا إنائه ، وأنّه أحقّ بالخلافة منهُم ( المشائخ ) ، وفيه تأمّل لولا رَغبَة الإمام بهذا الأمر ، لمَا استعدَى الله على قُريش ، ووصَفهُم بالظلم له ، وألصَقَ بنفسِه تجرّعَ غُصص الألم والوَجع ، فقال (ع) في النهج ، خ 217 :

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي، وَأَكْفَأُوا إِنَائِي ، وَأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي، وَقَالُوا: أَلاَ إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَفِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً، أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً. فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ ، وَلاَ ذَابٌّ وَلاَ مُسَاعِدٌ، إِلاَّ أَهْلَ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ، فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذى ، وَجَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَا، وَصَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الغَيْظِ عَلى أَمَرَّ مِنَ العَلْقَمِ، وَآلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ خَزِّ الشِّفَارِ )) .

3- وهُنا أيضاً يتشكّى من قُريش ، وأخذهِم أمراً ليسَ لهُم فيه حق ، والحقّ أنّه وإن عمّ قُريشاً لهذا ، فإنّ للمشائخ النصيب الأكبر من هذا الذم ، إن لَم يَكُن كلّه ، ولا يَفوتُك التركيزُ على الشاهد " رَغبة الإمامة الملحّة في أزمان المشائخ على أخذِ الإمامَة " ، فقال (ع) مُخاطباً أخيه عقيل ، في خ 36 من النهج :

(( فَدَعْ عَنْكَ قُرَيشاً وَتَرْكَاضَهُمْ فِي الضَّلاَلِ، وَتَجْوَالَهُمْ فِي الشِّقَاقِ ، وَجِمَاحَهُمْ فِي التِّيهِ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِي كَإِجمَاعِهِمْ عَلَى حَرْبِ رَسوُلِ اللهِ_صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَ سَلّم_َ قَبْلِي، فَجَزَتْ قُرَيْشاً عَنِّي الْجَوَازِي ! فَقَدْ قَطَعُوا رَحِمِي، وَسَلَبُونِي سُلْطَانَ ابْنِ أُمِّي )) .

4- وهُناك أمثلةٌ كثيرة يُستنبَط منها هذا الشاهد ، انظُر مثلاً خ 162 لمّا سألَ الأسدي ، أمير المؤمنين (ع) عَن : كيف دَفَعَكم قومُكم عن هذا المَقام ؟ ، وانظُر أيضاً إلى الشقشقيّة التي هَدرَت خ 3 ، والتي لَم نَسُقهَا هُنا بتمامها ( حتّى لا يُظنّ أن ليسَ معَنا غيرُها ، فقدَ كثُرَ ترديدُها منّا ، فلعلّ الخصمَ قَد سئمها ، فمَا عادَ يتمعّن فيها ، على أهمّيتها ) ، ولأنني ذكرتُ قضيّة الشورى في بداية الكلام ، فسأذكُرُ شاهداً على رَغبَة أمير المؤمنين (ع) للخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب ، وقبلَ أن يتولاّها عثمان ، حاثّاً إياكَ على تأمّل العبارات تأمّلَ مُتَدبّر : فقال (ع) : (( فَصبرتُ ( تأمّل ، أنّه في عهد عُمر كانَ صابراً لا راضياً ) على طولِ المُدّة ، وشدّة المِحنَة ، حتى إذا مَضى ( عمر ) لسبيلِه جَعلَها في جَماعةٍ زعمَ أنّي أحدُهُم ، فيا لله وللشورَى ! متى اعترَض الرّيب فيَّ معَ الأوّل ( أبو بكر ) منهُم ، حتّى صِرتُ أُقرَنُ إلى هذهِ النّظائر ! )) .

5- ومن غير النّهج أسيرُ إلى ما رواهُ البخاري من السنّة في صحيحه 4/1549 : عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر ، أنّ علي بن أبي طالب لَم يُبايع لأبيها إلاّ بعدَ ستّة أشهُر ( واستظهرَ به الحجّة مجدالدين المؤيدي في كلامٍ بديع في مجمع الفوئاد ص21 ) ، وفيها أنَّ أبو بكر استدعَى عليّاً (ع) ، فكانَ من كلام الإمام (ع) لأب يبكر : (( إنّنَا لَم ننفس عليكَ خيراً ساقَهُ الله إليك ، ولكنّا نَرى لنَا في هَذا الأمر نَصيباً ، فاستَبدَتَ بها علينَا ، فَوجدنا في أنُفسنا )) ، وهُنا تأمّل رغبة الإمام (ع) في الإمامَة ، وحَرصهُ على المُطالبَة بحقّه .

لعلّ في هذا كفاية ، لإثبات عدمصحّة عدم رغبة الإمام في الإمامة ، ( التي هيَ حثّهُ بنص آي الكتاب ، وصحيح سنّة الرسوب (ص) ) ، في عهد أبو بكر وعمر وقبلَ أن يتولّى عثمان ( حينَ الشّورى ) .

ولِصاحب الشبهة أن يقول : فمَا حالُ تلكَ النّصوص التي تُفيدُ عدم رغبَة الإمام في الخلافَة ؟

[[ الإمام علي (ع) والخلافَة بعدَ مقتل الخليفة الثالث ، مُناقشَة تصريحات عدم رغبتهِ فيها ]]

هُنا نتكلّم عن التصريحات التي احتواها النّهج ، والتي مَفادها عَدم رَغبة الإمام في الخلافَة ، وقبلهُ نُسبّقُ بمقدّمةٍ مهمّة نقول فيها :

أنّ هذه التصريحات منه (ع) بعدَم رغبته في الخلافَة ، لَم تَكن إلاّ بعدَ مقتل عثمان بن عفان ، وتحديداً لَم تَخرُج منه (ع) إلاّ معَ طائفةٍ مُعيّنة من النّاس ، وهُم المُتّهمونَ له بقتل عثمان ، أو التحريض عليه ، حيث لَم يُذكر مثلُ هذا في النهج - فيمَا وقعَ تحت أيدينا - إلاّ في ثلاثة مواضع ، مَوضعين منها ، والإمام يُخاطب طلحة والزبير بعد أن اتهماه بقتل بقتل عثمان - بنصّ النهج - وفي المشورَة ، والموضع الثالث جاء خطاباً عامّا - وهُناك ترجيحٌ كبير أنّهُ كانَ موجّها إلى تلكَ الطائفَة المتّهمَة له بالتحريض على قتل عثمان - ، فإذا عَرفتَ هذا، فافْطَن لتصريحات الإمام (ع) بعدَم رغبَتهِ في الخلافة ، تَجدهَا إشارةٌ خفيّة يُريدُ أن يقولَ من خلالها : (( أنّني بريءٌ من دم عُثمان ، ولَستُ طامعاً في قتلهِ لتأولَ إليّ الخلافَة )) ، أيضاً لَو قرأت السّيَر لوجدتَ أنّ النّاس كانوا يَهتفونَ باسم علي (ع) وعُثمان مُحاصر !! ( قبلَ أن يُقتَل ) ، ممّا حدى بعثمان أن يأمرَ الإمام علي (ع) بالخروج إلى ينبع لتفقّد أمواله ( أموال علي ) هُناك ، انظر خ 240 من النهج ، وذلكَ كي يخفّ هُتاف النّاس باسمه ، فتهدأ الفتنَة ، ومنهَا أدعُوكَ أخي الباحث للتأمّل ، لتظهرَ لك الإشارَة الخفيّة ، فتُصبِحَ كالشّمس رابعَة النّهار ، فتَعرِفَ أنّ تصريح الإمام (ع) بعدَم رغبته في الخلافة ، لمّا انثالَ عليه النّاس في بيته ، ( إنّما كانَ من باب تَبرئة ساحَته من تهمة الطّمع في الخلافة ،التي سيُفسّرها البعض ( بَل قَد فُسِّرَت ) بتحريضه على قتل عثمان ) ، وهُنا - وكمَا وَعدنا - سنسردُ الأقةال التي صرّح بها أمير المؤمنين (ع) على عدم رغبته في الخلافَة :

1- جاء في خ 54 من النهج ، مُخاطباً طلحة والزبير ، حينَ زَعموا قتلَه لعثمان : (( أنّي لَم أرِد النّاس حتّى أرادوني ، ولَم أُبايعهُم حتّى بايعُوني .... وقَد زَعمتُمَا أنّي قَتلتُ عثمان )) .

2- جاء في خ 205 من النهج ، مُخاطباً طلحة والزبير ، بعدَ تولّيه الخلافَة : (( والله ماكَنَت لي في الخلافَة إربَة، ولكنّكم دَعوتموني إليهَا ، وحملتموني عليها )) .

3- جاء في خ 92 من النهج ، عند انثيال النّاس عليه (ع) ( بعدَ أن كانوا يهتفونَ باسمهِ قبلَ مقتل عثمان ) ، لمُبايعتهِ أميراً للمؤمنين : (( دَعُوني وَالْتَمِسُوا غَيْرِي... وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً! )) .

تعليق : بعدَ أن تستَحضِرَ أخي الباحث ما قَد قرأتَهُ من تأكيد رغبَة الإمام (ع) وبلسانه ، على القيام بفرض الإمامَة في زمن أبي بكر وعمر وأثناء الشورى ، فيما سبقَ وذكرناه ، نطلبُ هُنا التأمّل ( باستحضار المُقدّمة أعلاه ) عدَم رَغبَة الإمام فيها بعدَ مقتل عثمان ؟ لماذا مثلُ هذا التصريح منه (ع) في مثل هذا الوَقت ( تَدافع النّاس لمُبايعته ) ، وجثّة عثمان ما زالَت مُرماة لَم تُدفَن ؟! ، لماذا لَم يَكن يُصرّح بمثلِ ذلك في عهد الأول والثّاني وأثناء الشّورى ؟! هَل لسقوط شأن الخلافَة ( التي هيَ زمام المُسلمين ) عندَه ؟ ( حاشَى وكلاّ ) . أو لسقوط شأن الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر ؟ ( حاشى وكلاّ ) ؟ وكيفَ يكون هَذين السببين قائمينِ عليه ، وهُو القائل : في خ 54 : (( فَتَدَاكُّوا عَلَيَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ يَوْمَ وِرْدِهَا ، قَدْ أَرْسَلَهَا رَاعِيهَا، وَخُلِعَتْ مَثَانِيهَا ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِليَّ، أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ ولَدَيَّ، وَقَدْ قَلَّبْتُ هذَا الْأَمْرَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ، فَمَا وَجَدْتُنِي يَسَعْني إِلاَّ قِتَالُهُمْ أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ، وَمَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الْآخِرَةِ )). ولَم نَذكُر هذه الخُطبَة الأخيرَة إلاّ مِن باب تبيين حِرص أمير المؤمنين (ع) على إرساء معالم سنّة أخيه سيّد المُرسلين ، وأنّها ذاتُ بالٍ وشأنٍ عندَه ، وهُوَ آخرُ ما وَعدنا به في أوّل كلامنا ، ومنه نعودُ إلى صاحب الشبهة ، الذي نتمنّى أن تكونَ الفكرَة قد وصلَت إليه ، بأبسَط العبارات ، بعيداً عن التطويل المُمل ، هذا والله أدرى وأعلم .

وصلى الله وسلّم على سيّدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

نشوان الحميري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 625
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة نشوان الحميري »

أخي الكريم الكاظم, شكرا على مشاركتك الكريمة وأسلوبك الراقي في الحوار خاصة في المشاركتين الأخيرتين. حيث كنت قد اتهمتني في مشاركتك الأولى باقتباس نص واحد وبناء نتائج وتعليقات عليه وقلت أن في ذلك من الوَهم والتخليط الشيء الكثير !!!

ولو لاحظت (وقد تبين لك ذلك في مشاركتيك الأخيرتين) أني أتيت بأكثر من نص ولم أعلق على النصوص أو أبن عليها أي نتائج.. كل ما في الأمر أني سألت إن كنتم تؤمنون بصحتها؟؟؟ وقد تبين لي مما كتبت أنك تؤمن بصحتها.. فلو اكتفيت بذلك وصبرت حتى أورد إشكالاتي لاستغنيت عن عناء استنتاج ما قد أقصده بذلك حتى أورد مقصدي بنفسي..

وعلى كل قد استفدت كثيرا من مشاركتك فأشكرك على ذلك وسأورد وجهة نظري حول الموضوع في مشاركة قادمة ان شاء الله لضيق الوقت الآن ولأن الموضوع مهم جدا ويحتاج إلى استفراغ الوقت والجهد لإيراد الرد المناسب..

** إلى هُنا - اختصاراً - ، أتوقّف عن نقل ما وقع بين يديّ من أقوال أعلام الزيدية الكرام ، حولَ مَسألة الشّورى والإجماع والإمامَة ، إضافةً إلى أقوال القاسم الرسي (ع) ، المُدرجَة في أصل بَحث الأستاذ محمد الغيل حفظه الله ، ففيها فائدَة جمّة ، وأشيرُ إلى ضرورة استحضار أقوال الإمام علي (ع) جميعها ومقارنتها ببعضها الَبعض حتّى يحصل اليقين ، لا اقتباس نصّ واحِد ، ومن ثمّ يُبنى عليه النتائج والتعليقات ( فلعلّ في هَذا من الوَهم والتخليط الشيء الكثير ) .


ولك وللجميع تحياتي
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

حيث كنت قد اتهمتني في مشاركتك الأولى باقتباس نص واحد وبناء نتائج وتعليقات عليه وقلت أن في ذلك من الوَهم والتخليط الشيء الكثير !!!
العَفو منكم أخي في الله نشوان ، فنحنُ نوجّه كلامَنا للعموم قدرَ المُستطاع ، لا لشخصِكَ لوحدِك ( ولَو كُنتَ الطّارح لها ) وخصوصاً في المشاركَة الأولى والثالثة هُنا ، ( وذلكَ لأنّي فعلاً كُنتُ قد وجدتُ من يحتج بمَا طَرحتَهُ ، وذلكَِ في منتديات أخرى ) .

===

تحياتي لكم ...
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

نشوان الحميري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 625
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة نشوان الحميري »

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما وعدت به وأرجو أن يخرج منه القارئ بفائدة والمعذرة من الإطالة..


الحديث في موضوع الإمامة وشروطها وكيفية انعقادها موضوع مهم وحساس جدا خاصة بالنسبة للشيعة على مختلف فرقهم حيث أنهم جعلوا هذه المسألة من أصول مذاهبهم مع الفارق طبعا بين نظرتهم إليها فمما لا شك فيه أن نظرة الشيعة الإمامية والإسماعيلية للإمامة لا تفرق بينها وبين النبوة إلا لفظيا وقد تعتبرها أهم من النبوة. غير ان الزيدية لا تتفق مع هاتين الفرقتين في نظرتهما للإمامة وإن كانت قد تأثرت مؤخرا بالكتابات الشيعية الجعفرية.
وأنا قد ولدت زيديا وفي مجتمع زيدي محافظ قد لا يتورع بعض منتسبيه في سب من تقدم الإمام علي بالخلافة. وقد كنت في مرحلة من مراحل حياتي أعتقد أن الإمام الشرعي بعد رسول الله صلوات الله عليه هو الإمام علي عليه السلام ومن بعده سبطيه وأن من نازعهما هذا الحق مغتصب يستحق السب.. إلا أني لم أعتقد يوما أن الإمامة محصورة في طائفة معينة أو نسب معين وكنت دائما اعتقد أن هذا مخالفا للعقل والمنطق ومبدأ المساواة في الشريعة الإسلامية حيث أني كنت دائما ولا أزال أعتقد أن النبوة منهاج هداية للعالمين وليست ملكا يتوارث.
وبعد بحث وقراءة للتاريخ واختلاط بأتباع مذاهب أخرى بدأت أفكاري تتحول تدريجيا إلى أن توصلت إلى قناعة تامة حسب ما اوصلني إليه فهمي وبحثي الذين أنا مخاطب بهما أمام الله خاصة عند من يرون أن مسألة الإمامة مسألة أصولية لا يجوز فيها التقليد مع اني لا أرى هذا الرأي..
وكانت قناعتي كالتالي:
أن الإمامة بعد رسول الله هي سلطة عملية لتصريف أمور الأمة حسب الشريعة الكاملة التي تم كمالها قبل وفاة الرسول ولم تعد بحاجة إلى أي فرد لإتمامها بعده صلوات الله عليه. وأن الحق في الإمامة هو للأمة لتختار من تحب لتصريف أمورها وأن الدين لم ينص على أحد بعينه ليتولى أمور المسلمين بعد الرسول صلوات الله عليه. كما أن الإمام علي عليه السلام لم يختلف مع الخلفاء الراشدين عليهم السلام لسبب وجود نص عليه وإنما لأنهم لم يتبعوا الوسيلة المثلى للشورى التي كان يؤمن بها كل الإيمان وجسدها أفضل تجسيد في رفضه للبيعة في منزله عندما اتى إليه الناس وإصراره على ان تتم في المسجد وعلى رؤوس الأشهاد كما تبعه على ذلك خامس الخلفاء الراشدين الإمام الحسن عليه السلام وسادسهم الخليفة عمر بن عبد العزيز عليه السلام.
وهذه القناعة تكونت عندي للأدلة التالية:
أولا: من الناحية التاريخية:
معظم الروايات المعتبرة لما حدث في السقيفة بعد وفاة رسول الله صلوات الله عليه تتفق كلها حسب اطلاعي على أن الجدل حول الإمامة ومن يستحقها كان جدلا عقليا ولم يأت أحد بأي نص يدل على أحقيته بالخلافة بما فيهم الإمام علي عليه السلام. مما يعني أن الكل كانوا متفقين على ان الرسول لم ينص على أحد بعده إذ لو كان هناك نص لكان المنصوص عليه هو أول من يكون له المصلحة في إظهار هذا النص لقطع الجدل. كما أن أول من تكلم عن الخلافة كانوا هم الأنصار ولم يأت الشيخين إلا بسبب اجتماعهم في السقيفة فلو كان الأنصار يؤمنون بنص على أحد أو كانت في عنقهم بيعة لأحد لما كتموها وهم الذين شهد الله لهم ورسوله بالإيمان في أكثر من موضع. كما أنه لولا انقسام الأنصار إلى أوس وخزرج واختلافهم فيما بينهم بسبب هذا الإنقسام لكان أول خليفة للمسلمين منهم حسب وجهة نظري فالمدينة مدينتهم وهم العمود الفقري لما يمكن أن نسميه بالجيش الإسلامي حتى وفاة الرسول صلوات الله عليه.
ثانيا: موقف الإمام علي:
مما يظهر من الروايات التاريخية أن الإمام علي كان معترضا على طريقة اختيار الخليفة الأول ولكن هل كان اعتراضه لأنه منصوص عليه وأن قيادة المسلمين لا تجوز لغيره أم أنه كان يرى أن طريقة الشورى لم تكن سليمة؟؟ أنا أرى أن ذلك بسب اعتراضه على الطريقة فقط وهو بلا شك محق في ذلك وقد لخص اعتراضه في البيتين الشهيرين الذين ينسبان إليه وهما:
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم ***** فكيف تليها والمشيرون غيب
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم ***** فغيرك أولى بالنبي وأقرب
ودلالة البيتين واضحة جدا حيث أن الشورى كان يجب أن تكون في المسجد وعلى رؤوس الأشهاد ويحضرها عامة المسلمين لا في سقيفة بني ساعدة وحضور ما يقرب من ثلاثة وثمانين فردا فقط... أما إذا كانت الأحقية بالقربى فلاشك أن هناك من هو أقرب من أبي بكر للنبي كعمه العباس وابن أخيه الإمام علي عليه السلام.
ولذا فأنا أرى أن احتجاج الإمام كان بسبب نقص الشورى فقط إذ أنه كما ذكرت لم يعتمد أحد في تلك الفترة على نص لإثبات أحقيته.
وهذا كما اعتقد كان اساس حيثيات فتوى العلماء المعروفين في اليمن في عام 1990 م بخطأ القول بحصر الإمامة .. كما اتذكره وأرجو ممن لديه نص تلك الفتوى إيرادها هنا للفائدة ولعلاقتها بالموضوع.
ثالثا: نصوص الإمام علي:
الذي يؤكد موقف الإمام علي السابق ويرجح ما ذهبت إليه (من أن اعتراضه إنما كان بسبب طريقة الشورى لا بسبب أن الإمامة من حقه فقط وليس لغيره الحق فيها) نصوص واضحة تعتبر وثائق مهمة وسط هذا الكم الكبير من الروايات المؤيدة والمعارضة التي صنعها أتباع الفرق المتناحرة فيما بعد.
ومن هذه النصوص ما يلي:
أولا: نصوص تثبت إيمانه بالشورى كوسيلة لاختيار الإمام أو الخليفة:
[ 173 ]
ومن خطبة له عليه السلام
في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ومن هو جدير بأن يكون للخلافة وفي هوان الدنيا
رسول الله
أَمِينُ وَحْيِهِ، وَخَاتَمُ رُسُلِهِ، وَبَشِيرُ رَحْمَتِهِ، وَنَذِيرُ نِقْمَتِهِ.
الجدير بالخلافة
أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ فِيهِ، فَإِنْ شَغَبَ (1) شَاغِبٌ اسْتُعْتِبَ (2) ، فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ. وَلَعَمْرِي، لَئِنْ كَانَتِ الْإَمَامَةُ لاَ تَنْعَقِدُ حَتَّى يَحْضُرَهَا عَامَّةُ النَّاسِ، فمَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ، وَلكِنْ أَهْلُهَا يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا، ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ.
ففي هذا النص يوضح الإمام من احق الناس بالخلافة وكأنه يشرح مميزات من يريد أن يترشح للأمر فاشترط فيه القوة والقدرة على الحكم وأن يكون أعلم الناس بأمر الله في الحكم ثم وضح حكم من بغى عليه .. ثم عرج على كيفية اختيار هذا الحاكم فرأى أنها يجب أن تكون بالشورى ولكنه قيد الشورى بسب ظروف زمانه بمن حضر لاستحالة حضور جميع المسلمين أو المشاركة في الإنتخاب في ذلك الزمان في وقت واحد .. ولا يخفى ان هذا قابل للتطوير بتطور العصر والوسائل.

ومن كتاب له عليه السلام
إلى معاوية
إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لِلَّهِ رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى. وَلَعَمْرِي، يَا مُعَاوِيَةُ، لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ، إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى (1) ; فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ! وَالسَّلاَمُ.
وهو في هذا النص يوضح أكثر وجهة نظره في الشورى المقيدة بمن حضر من المهاجرين والأنصار الذين كانوا يمثلون أهل الحل والعقد واستحالة اشتراك المسلمين جميعا في الإختيار في ذلك العصر, ردا على معاوية الذي كان يحتج أنه وأهل الشام لم يشتركوا في تلك الشورى..
ولو كان الإمام عليه السلام يعتقد أن الإمامة إنما تنعقد بالنص لا بالشورى لما احتج بالشورى واعتمد النص لإفحام كل معاند.

ثانيا: نصوص تظهر أحقية المسلمين في اختيار إمامهم:
ومن كتاب له عليه السلام
إلى طلحة والزبير (مع عمران بن الحصين الخزاعي) ذكره أبوجعفر الإسكافي في كتاب ( المقامات) في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام.
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَلِمْتُما، وَإِنْ كَتَمْتُما، أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي، وَلَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي. وَإِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَبَايَعَنِي، وَإِنَّ العَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَان غَالِبٍ، وَلاَ لِعَرَضٍ (1) حَاضِرٍ، فَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي طَائِعَيْنِ، فارْجِعَا وَتُوبَا إِلَى اللهِ مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي كَارِهَيْنِ، فَقَدْ جَعَلْتُما لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ (2) بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ، وَإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ، وَلَعَمْرِي مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَالْكِتْمانِ، وَإِنَّ دَفْعَكُمَا هذَا الْأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلاَ فِيهِ، كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ، بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ. وَقَدْ زَعَمْتُما أَنِّي قَتَلْتُ عُثْمانَ، فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِىءٍ بَقَدْرِ مَا احْتَمَلَ. فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا، فَإِنَّ الْآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ الْعَارُ وَالنَّارُ،السَّلاَمُ.

[ 92 ]
ومن كلام له عليه السلام
لمّا أراده الناس على البيعة
دَعُوني وَالْتَمِسُوا غَيْرِي; فإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ; لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ (1) ، وَإِنَّ الاْفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ (2) ، وَالْمَحَجَّةَ (3) قَدْ تَنَكَّرَتْ (4). وَاعْلَمُوا أَنِّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً!

وفي هذين النصين يظهر الإمام بما لا يدع مجالا للشك أنه إنما تجب طاعته باختيار الناس ومبايعتهم له لا بنص سابق على ذلك بل أنه ينصح المسلمين باختيار غيره لعلمه بشدته في الدين وخوفه من عدم تحمل المسلمين هذه الشدة فهو يريد أن يخفف عنهم ولا يحملهم حجة بيعته ثم استصعاب طاعته.. ولو كان يرى أن هناك نصا عليه وأن طاعته مفروضة ابتداء لما جاز له ذلك ... فهل يعقل مثلا أن يقول نبي لقومه دعوني والتمسوا نبيا غيري .. لا طبعا لأن النبوة اختيار إلهي.

ثالثا: نصوص تثبت اعترافه بولاية الخلفاء الراشدين عليهم السلام قبله:
ومن كلام له عليه السلام
وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزوالروم
وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لِأَهْلِ هَذا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ (1) ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَالَّذِي نَصَرَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمْتَنِعُونَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ. إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ بِشَخْصِكَ فَتُنْكَبْ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ (2) دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ. وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً، وَاحْفِزْ (3) مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ (4) وَالنَّصِيحَةِ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى، كُنْتَ رِدْأً للنَّاسِ (5) وَمَثَابَةً (6) لِلْمُسْلِمِينَ.

كيف يتصور أن يقول له وليس بعدك مرجع يرجعون إليه ؟؟؟ إذا كان يراه ظالما مغتصبا وهو الإمام الحق المفروضة طاعته.. أليس من المفروض أنه هو المرجع للناس لو كان هناك نص على إمامته يعتقد هو به؟؟ ثم أن بقية النص تدل على نصيحة صادقة لأمام المسلمين الذين له في أعناقهم بيعة.
[ 146 ]
ومن كلام له عليه السلام
وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه
إِنَّ هذَا الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَلاَ خِذْلاَنُهُ بِكَثْرَةٍ وَلاَ بِقِلَّةٍ، وَهُوَ دِينُ اللهِ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَجُنْدُهُ الَّذِي أَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ، حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ، وَطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ، وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللهِ، وَاللهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَنَاصِرٌ جُنْدَهُ. وَمَكَانُ الْقَيِّمِ (1) بِالْأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ (2) مِنَ الْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ: فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ وَذَهَبَ، ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعُ بِحَذَافِيرِهِ (3) أَبَداً. وَالْعَرَبُ الْيَومَ وَإِنْ كَانُوا قَلِيلاً، فَهُمْ كَثِيرُونَ بَالْإِسْلاَمِ، عَزِيزُونَ بَالْإِجْتَِماعِ! فَكُنْ قُطْباً، وَاسْتَدِرِ الرَّحَا بِالْعَرَبِ، وَأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ (4) مِنْ هذِهِ الْأَرْضِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ. إِنَّ الْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا: هذا أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ، فَيْكُونُ ذلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ، وَطَمَعِهِمْ فِيكَ. فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ المُسْلِمِينَ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ، وَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ، فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيَما مَضَى بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ!
وهذا النص مؤيد لما قبله فتأمل.
[ 164 ]
ومن كلام له عليه السلام
لما اجتمع الناس اليه وشكوا ما نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته واستعتابه لهم، فدخل عليه فقال:
إِنَّ النَّاسَ وَرَائي، وَقَدِ اسْتَسْفَرُوني (1) بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، وَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ! مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ، وَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْر لاَ تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلاَ خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه- كَمَا صَحِبْنَا. وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلاَ ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمِ- وَشِيجَةَ (2) رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مَنْ صَهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالاَ. فَاللهَ اللهَ فِي نَفْسِكَ! فَإِنَّكَ ـ وَاللهِ ـ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمىً، وَلاَ تُعَلّمُ مِنْ جَهْلٍ، وَإِنَّ الْطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ، وَإِنَّ أَعْلاَمَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ. فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِاللهِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وَهَدَي، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وَإِنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَاللهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً. وَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه- يَقُولُ: «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْإِمَامِ الْجَائِرِ وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ وَلاَ عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى، ثُمَّ يَرْتَبِطُ (3) فِي قَعْرِهَا». وَإِني أَنْشُدُكَ اللهَ ألَّا تَكُونَ إِمَامَ هذِهِ الْأُمَّةِ الْمَقْتُولَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: يُقْتَلُ فِي هذِهِ الْأُمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ إِلى يَوْمِ الْقُيَامَةِ، وَيَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا، وَيَبُثُّ الْفِتَنَ فِيهَا، فَلاَ يُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً، وَيَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً (4). فَلاَ تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً (5) يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلاَلَ السِّنِّ وَتَقَضِّي الْعُمُرِ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كَلِّمِ النَّاسَ فِي أَنْ يُؤَجِّلُونِي، حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ مِن مَظَالِمِهِمْ، فَقالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَاكَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلاَ أَجَلَ فِيهِ، وَمَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَيْهِ.
في هذا النص أرى الإمام علي عليه السلام يجسد مقولته المشهورة (رحم الله امرءا عرف قدر نفسه) خاصة في الفقرة الأولى التي تحتها خط, وفيها شهادة منه عليه السلام على ان الشيخين عليهما السلام كانا يعملان الحق وهي شهادة يجب على محبيه ان يكونوا أول من يقبلها منه.. ثم يلاحظ أنه سمى عثمان إماما وفي ذلك رد على من يريدون ان يجعلوا للإمامة معنى خاص غير معناها الحقيقي وهو تسيير أمور المسلمين. كما يلاحظ إثباته لمصاهرة عثمان للنبي وفي ذلك رد لمن ينفون نسب بنات النبي صلوات الله عليه ولو انه ليس موضوعنا الآن ولكن الشيء بالشيء يذكر..
من هذا كله تكونت لدي قناعتي في هذه المسألة فإن كنت محقا ففضل من الله وإن كنت مخطأ فأنا أحد بني ءادم (وكل ابن ءادم خطاؤون وخير الخطائين التوابون) كما قال صلوات الله عليه.. وأنا أرى أن مسألة الإمامة مسألة سياسية بحتة لا تمس جوهر الدين بدليل أنه حتى من يقول أنها أصل الدين يرى أن الدين لا يزال كاملا رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنا على اغتصاب هذا الأصل الأساسي من وجهة نظرهم.. وأرى أن الإمام عليه السلام رغم اعتراضه الذي أشرت إليه سلفا إلا أن ذلك لم يمنعه من إظهار الرضا والطاعة لأئمة المسلمين لمعرفته أن تلك تجربة جديدة على المجتمع العربي وأن كل تجربة جديدة لا تخلو من اخطاء وهي أخطاء تنظيمية دنيوية لم تمس جوهر الدين.
وقد يقول قائل وهل تنكر كل الأحاديث التي تنص على هذا أو ذاك او تحصر الإمامة في نسب معين؟ فأقول إن كل تلك الروايات على افتراض صحتها لو كان فيها دلالة على ما يقول الناس الآن لاستدل بها المعنيون بها في حينه كما ذكرت سابقا.
وقد يقول قائل أن هذا فهم سطحي فيه من التخليط والوهم الشيء الكثير!! فأقول أن ذلك ما اوصلني إليه فهمي ولست مخاطبا إلا به فهذا العقل هو ما من الله علي به ولست محاسبا إلا بقدره..
وختاما أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاربعاء, 07 أيلول, 2005
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم جميعا أخوتي في الله

الشكر الكثير لسيدي الكاظم على مشاركته القوية النافعة البينة الواعية بكل ما تعنية الكلمة فهو كما عودنا سباقٌ الى طرح ابحاث ومواضيع واعية وذات بال وقيمة وشأن وحجة!
كما أشكر لكم جميعا تفاعلكم مع هذا الموضوع الخطير الحساس الذي يصنف من وجهة نظري ضمن المواضيع التى جعلت الامة تعيش حالة ركود وجمود وتقهقر!!!

من الواضح أن الخليفة الاول تقمص ثوب الخلافة بطريقة "دكتاتورية بحته " فلا هو استشار المسلمين بجميع طوائفهم وأعراقهم واجناسهم في أمر توليه الخلافة بعد موت رسول الله فكل ما حصل هو تمثيلية لعب أدوارها بعض الصحابة الكبار لوضع أبو بكر في مكان هو في الحقيقة ليس له أهل كما أنه من الواضح أيضا أن الشارع لم ينص على توليه بنص فيه يخصه كما أن هذا الخليفة لم يكن يتحلى بمجموعة من الصفات التى تجعل منه زعيما وقائدا لهذه الامة وراجع رسالة الامام القاسم لتجد أنه اشار الى ما اشرتُ اليه سابقاً
كما انصح بمراجعة أغلب كتب المسلمين وسواء كانت ضمن المنهج الشيعي بكل فرقه أو كانت ضمن المنهج السني وبكل فرقه ايضا !!
ومن الواضح أيضا أن الخليفة الثاني عندما تولىالخلافة تولى بوصية أو بنص من الخليفة الاول وهذا معناه ايضا تكريس مبدأ "الدكتاتورية" داخل أمة محمد وبصورة تأسيسية وعملية تطبيقية اهم نتائجها كان افراز فرقتين داخل البيت الاسلامي " البكرية – العمرية "
وكل هذا يحدث أثناء ظروف صعبة تمر بها أمة محمد فموت رسول الله كان فاجعة اربكت جموع المسلمين وجيش اسامة وتخلف البعض عنه شاهد عيان لمن أراد التأمل !!!

كما أن حروب الردة التى خاض غمارها الخليفة الاول وتحمس لها والفترة القصيرة التى قضاها في سدة الحكم كانت من ضمن العوامل التى شجعته على تكريس هذا المبدأ " الدكتاتورية "خصوصا في ظل أوضاع قبلية وطائفية برزت بشكل فاعل في الساحة" تيم -عدي - بنو هاشم " وغيرهم من القبائل المحيطة بعاصمة الخلافة الاسلامية!!
صراع ومنافسة من أجل تحمل العبئ والتركة ولو كانت تلك الظهور منحنية وفي فترة الشيخوخة ولا تقدر على تحمل العبئ الثقيل !!!!!!
دوافع الخليفة الاول ونواياه محاطة بالعديد من العوامل الغامضة وكذا الخليفة الثاني هي كذلك !
مشائخ كبار في السن ولهم سابقة معروفة في الاسلام وبعض الفضائل التى قيلت في حقهم كما فهموها هم كل هذه العوامل دفعت بهم للوقوف أمام القيادات الشابة المعنية والمخاطبة بالنهوض بالامر !!
تولية اسامة من قبل رسول الله على المشائخ وكبار السن ومن لهم اقدمية وسابقة وجعل اسامة قائدا عليهم كان أحد هذه الادلة!!
ولعن من تخلف عن جيش اسامة كان أيضا دليلا على أن المطلوب للموقف- بعد رحيل الشارع الى الرفيق الاعلى - قيادات شابة واعية قادرة على حمل التركة وأعباء الخلافة
قيادات شابة تحمل العديد من المواصفات كما قال الامام في خطبته أخي نشوان " علم ومرجعية وشجاعة وورع وزهد وتقوى "وراجع ما قاله الامام القاسم في تلك الوثيقة الهامة عن الامام علي ايضا !!
الامام علي في هذه المعمعة ما دوره ؟؟ ما موقفه في ظل هذه الازمة ؟؟؟
يتجلى هذا الدورمن خلال خطبته الشقشقية سالفة الذكر راجعها بدقة تجد حجة وبيان وايضاح لقد هدرت بالفعل !
ولا تغض الطرف عنها !
يحتج أخي نشوان الحميري ببعض الاقوال التى ودرت في نهج البلاغة !!
في الحقيقة لها العديد من التخاريج أهمها ما ذكر أخي الاستاذ الكاظم جزاه الله عنا خيرا ..
وما دام الامر كذلك فإن تفسيرا آخر ربما من المستحسن ذكره هنا ايضا وبشكل مقتضب ومختصر ومجمل خلاصته تقول :
إن الامام عندما كان يخاطب الخليفة الثاني كان يخاطبه من خلال معرفة معمقة لشخصية اصبحت معالمها ظاهرة له ظهور الصبح لذي عينين !!
فمن هو عمر ؟؟ وهل هو شخص مؤهل لقيادة حرب مع فلول الفرس والروم مثل خالد بن الوليد مثلا ؟ وهل كان له دهاءٌ مثل دهاء عمرو بن العاص مثلا ؟؟
وهل كان يحمل سيفا بدلا عن الدرة في حين توليه لشؤن الدولة ؟؟ وكم قتل من المشركين بين يدي رسول الله ؟؟
وما كان دوره في تلك المعارك والغزوات في عهد رسول الله ؟؟
هل برز لعمرو بن ود ؟؟ وهل ذهب في جيش اسامة ؟
ثم لماذا شكاه المسلمون في عهد خلافة الخليفة الاول؟ وراجع كلام مولانا القاسم لو سمحتَ ؟؟
أنا لا أشكك في شجاعته ولكني أشك في حنكته القيادية و القتالية ومقدرته على خوض المعارك مع الفرس أو مع الروم ولعل الامام علي كان يرغب في الذهاب الى تلك الفتوحات فكما تعرفون أنه كان في ظل إقامة جبرية وادرس الاحداث بدقة لتجد أنه بالفعل كان يُخاف من ظهور قدراته التى وهبها الله له !
قبل أن يموت الخليفة الثاني طبق مبدأ "الدكتاتورية" من جديد وحجب أغلب المسلمين عن الاختيار والبيعة للرجل المناسب وجعلها في ستة كان مولانا في وسط القائمة أو في اخرها لا يهم !!!!!!
دارت المشورة الحصرية بطريقة عجيبة أفرزت سنة جديدة اسمها "نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وما مضى عليه الشيخان " سنة الشيخين" " اذا اصبح المنطق الدكتاتوري "سنة" عوضا حتى عن الشورى الحصرية !!!
فعن أي شورى يتحدث أولئك المغرربهم بالله عليكم؟؟؟
وتولى الخليفة الثالث وغيّر معظم المعالم" حتى طريقة الشيخين وسنتيهما " بقصد أو بدون قصد الله أعلم بنواياه فهذا ليس موضوعنا!!!
ثار المسلمون عليه بثورة هي من روح الاسلام بحق وتم التخلص منه بطريقة لا تليق راجع التاريخ لو سمحتَ أيضا وابحث عن قبره في البقيع لترى المسافة الشاسعة بين قبره وبين مسجد رسول الله !!!!
فماذا حصل بعد مقتل عثمان ؟؟
لقد اختار المسلمون الرجل المناسب في المكان المناسب وبدون شورى حتى وأنا هنا اتسائل لماذا اختاروه وبهذه الطريقة ؟؟
لعل النص هو السبب اليس كذلك ؟؟
وهنا ايضا يتسائل أو يستنبط اخونا نشوان عن بعض النصوص أو من بعض النصوص التى وجدها في كتاب نهج البلاغة !!
سيدي الكريم لك أن تعتمد على ما جاء في رد مولانا الكاظم سابقا وهو بحق قولٌ حجةٌ وأنا لن أبحث عن غيره ولك أن تبحث عن الغير إن لم يعجبك ففي هذا بيان وشفاء وكفاية !!
وتبقى نقطة هامة
موضوعنا هنا عن الشورى والنظر اليها بشكل عام كما تعرف !
وقد ظهر وبان من خلال الموضوع أن الشورى مصطلح مطاطي حتى لمن قال بمعتقد الامامة له فيه نصيب ايضا اليس كذلك ؟؟
بلى هو كذلك!
اذا هل الامامة هي البديل عن الشورى ؟؟
لا لست هي البديل كما اعتقد بل هي الاصل وقد تعين "الدخيل" !!!!
كما أن موضوع الامامة ومشاكلها كما يراه البعض أمر آخر حبذا لو فتحت عنها موضوعا للبحث والمناقشة !!
آه أخي نشوان هناك اسئلة لم تجب عنها حتى الآن ؟؟
نداء
سيدي الكاظم العديد من الثغرات داخل مشاركة الاخ نشوان الاخيرة يمكنكم ايضاح الامر له إن رغبتم فهي كما اتصور "سيرة ذاتية ليس الا "
تحياتي !

صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“